القلم المتواضع . وأما قلة الفرض أو الشروط التي تتيح له شراء الشركة ، أو انعدام تلك الفرص في حلبة التنافس نهائياً ، وعدم توفير المجتمع لها . . فلا يتناقض مع الحرية الشكلية في إطارها الظاهري العام . غير أن الحرية الشكلية ليست خاوية هكذا تماماً ، بل إنها تعني أحياناً معنى إيجابياً . فرجل الأعمال الذي بدأ وجوده التجاري بشكل ناجح ، وإن لم يكن قادراً بالفعل على شراء شركة ضخمة ، ولكنه ما دام يتمتع بالحرية الشكلية اجتماعياً فهو قادر على القيام بمختلف الأعمال ، في سبيل الظفر بالقدرة على شراء تلك الشركة ، في المدى القريب أو البعيد . وعلى هذا الأساس تكون الحرية الشكلية في شراء الشركة وامتلاكها ، ذات معنى إيجابي ، لأنها وإن لم تسلم اليه الشركة فعلاً ، ولكنها تسمح له بامتحان مواهبه ، والقيام بمختلف النشاطات في سبيل الظفر بملكية تلك الشركة . والشيء الذي يفقده في ظل هذه الحرية الشكلية ، هو ضمان المجتمع له الحصول على الشركة ، أو الحصول على ثمنها . فإن هذا الضمان الذي هو معنى الحرية الاجتماعية الجوهرية ، لا تكلفه الحرية الشكلية للأفراد . فالحرية الشكلية اجتماعياً ليست إذن خاوية دائماً ، بل هي أداة لاستثارة القوى والطاقات في الأفراد ، وتعبئتها في سبيل الوصول إلى مستويات أعلى ، وإن لم تقدم شيئاً من ضمانات الفوز والنجاح . وفي هذا الضوء نعرف أن الحرية الشكلية ، وإن لم تكن تعني القدرة فعلاً ، ولكنها شرط ضروري لتوفر هذه القدرة . فرجل الأعمال الناجح الذي تحدثنا عنه لم يكن ليتاح له أن يحلم بامتلاك الشركة الرأسمالية الكبيرة ، وبالتالي لم يكن ليمتلكها بالفعل بعد جهد متواصل . . لو لم يكن يتمتع بالحرية الشكلية ، ولو لم يكن يسمح له المجتمع بتجربة حظه وإمكاناته في حلبة التنافس ، وهكذا تكون الحرية الشكلية بالنسبة اليه أداة فعالة وشروطاً ضرورياً ، لاكتساب الحرية الجوهرية ، والقدرة الحقيقية على شراء الشركة بينما تبقى حرية الأفراد والفاشلين شكلياً في تملك الشركة ، حرية اسمية فحسب ، لا تشع بذرة من الحقيقة .