responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 267


من الحياة ، عظم نصيبه من الحرية الطبيعية .
ولكي نعرف جوهر هذه الحرية الطبيعية ، نبدأ بملاحظة الكائنات غير الحية في سلوكها . فإن الطبيعة ترسم لهذه الكائنات اتجاهات محددة ، وتفرض لكل كائن السلوك الذي لا يمكن أن يحيد عنه ، فالحجر مثلاً فرضت عليه الطبيعة سلوكاً محدداً ، وفقاً لقوانين كونية عامة . فلا نترقب منه مثلاً أن يتحرك ما لم نحركه ، ولا نترقب منه إذا حركناه أن يتحرك في غير الاتجاه الذي نحركه فيه ، كما لا نتصور من الحجر أن يتراجع تفادياً للاصطدام بجدار يعترض طريقه . فهو يفقد كل لون من القوة الإيجابية ، والقدرة على تكيفات جديدة ، ولهذا لم يكن له نصيب من الحرية الطبيعية . وأما الكائن الحي فليس موقفه تجاه البيئة والظروف سلبياً ، أو مضغوطاً في اتجاه محدد لا محيد عنه ، بل يمتلك قدرة وطاقة إيجابية على تكييف نفسه ، وابتداع أسلوب جديد إذا لم يكن الأسلوب الاعتيادي ، ملائماً لظروفه . وهذه الطاقة الإيجابية هي التي توحي الينا بمفهوم الحرية الطبيعية ، نظراً إلى أن الطبيعة وضعت بين يدي الكائن الحي بدائل متعددة ، ليأخذ في كل حال بأكثرها ملائمة لظروفه الخاصة . فالنبات الذي يعتبر في الدرجة الدنيا من سلم الكائنات الحية ، نجد لديه تلك الطاقة أو الحرية في مستوى منخفض وبدائي ، فإن بعض النباتات تغير من اتجاهها ولمجرد اقترابها من حاجز يصلح لمنعها عن الامتداد في ذلك الاتجاه المعين ، وتسارع إلى تكييف نفسها واتجاهها تكييفاً جديداً . وإذا أخذنا الحيوان - بوصفه درجة ثانية في سلم الحياة - وجدنا عنده تلك الحرية والطاقة ، في نطاق أوسع ، وعلى مستوى أعلى . إذ وضعت الطبيعة بين يديه بدائل كثيرة ، ينتخب منها في كل حين ما هو أكثر ملائمة لشهواته وميوله . . فبينما كان نجد الحجر لا يحيد عن اتجاهه المعين حين نرمي به ، والنبات لا يحيد عن اتجاهه ، إلا في حدود معينة . . نرى الحيوان قادراً على اتخاذ مختلف الاتجاهات في كل حين . فالحقل الذي سمحت له الطبيعة بممارسة نشاطه الحيوي فيه ، أوسع وأغنى بالبدائل من الحقل الذي ظفر به النبات .

267

نام کتاب : اقتصادنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست