الرأسمالية الكبرى ، وبذلك الطبقة الأستقراطية من رجال الاقطاع خدماتها إلى بلاد صناعية ، ونمت بسرعة خلال ذلك طبقة من التجار والصناع ، الذين كانوا يوضعون سابقاً في أسفل درجات السلم الاجتماعي ، فأخذوا يستخدمون - في هدوء - ما أتيح لهم من مال وقوة نفوذ ، في تحطيم النظام الإقطاعي تحطيماً سلمياً . حتى نزل أشراف الاقطاع سنة 1871 عن امتيازاتهم القديمة . وعوضتهم الحكومة عن أراضيهم بسندات أصدرتها لذلك وتم كل شيء بسلام ، ووجدت اليابان الصناعية وأخذت مركزها في التاريخ . فهل ينطبق هذا الوصف على مفاهيم المادية التاريخية ، وتفاسير ماركس ؟ إن الماركسية تؤكد أن الانقلاب من مرحلة تاريخية إلى أخرى ، لا يتم إلا بشكل ثوري ، لأن التغيرات الكمية التدريجية تؤدي إلى تحول دفعي آني . مع أن تحول اليابان من الاقطاع إلى الرأسمالية تم بشكل سلمي ، وتنازل سادة الاقطاع عن حقوقهم ، فلم يضطروا اليابان - وهي في طريقها الرأسمالي - إلى ثورة كالثورة الفرنسية عام ( 1789 ) . كما أن الماركسية تعتبر أن كل تطور لا يتم إلا من خلال الصراع الطبقي : بين طبقة تقف إلى صف التطور ، وأخرى تحاول الوقوف في وجهه . بينما نرى أن المجتمع الياباني قد وقف بمجموعه إلى جانب حركة التطور الصناعي والرأسمالي ، ولم يشذ عن ذلك حتى سادت الاقطاع أنفسهم . فقد آمنوا جميعاً بأن حياة البلاد رهن هذه الحركة وتنميتها . والماركسية ترى - كما قرأنا في نصوص رأس المال السابقة - أن التراكم الرأسمالي الذي تقوم الرأسمالية الصناعية على أساسه ، لا يمكن أن يفسر بطرائق ( الغزل البريء ) - على حد تعبير ماركس - وإنما يفسر بأعمال العنف والغزو وعمليات التجريد والاغتصاب ، مع أن الواقع التاريخي لليابان يدلل على العكس . فلم يحدث التراكم الرأسمالي ولم تنشأ الرأسمالية الصناعية في اليابان ، نتيجة للغزو والاستعمار