لأن الكسب فيها يقوم على أساس المخاطرة لا العمل . فالطبيبان في المثال المتقدم إنما يتقدمان على هذا النوع من الشركة ، لأنهما لا يعلمان سلفاً كمية الأجور التي سوف يحصلان عليها . فكل واحد منهما يحتمل أن أجور صاحبه سوف تزيد على أجوره . كما يحتمل العكس ، ولهذا يقدم على الشركة موطناً نفسه على التنازل عن شيء من أجوره إذا زادت على أجور صاحبه في حالة تفوق شريكه عليه . ونتيجة لذلك يكون من حق الطبيب الأقل دخلاً أن يحصل على جزء من كسب الطبيب الآخر وثمار عمله ، لأنه غامر في البدء وأقدم على دفع شيء من كسبه ، إذا اختلفت النتيجة . وهذا يعني أن كسب الطبيب الأقل دخلاً ينبع من عنصر المخاطر ، ولا يرتكز على عمل منفق . فالغاء الشريعة له وحكمها ببطلان شركة الأبدان تؤكد مفهومها السلبي عن المخاطرة . 2 - المبررات الرأسمالية للفائدة ونقدها مر بنا قبل لحظة أن المخاطرة التي يقف منها الإسلام موقفاً سلبياً ، هي أحد المبررات التي استندت إليها الرأسمالية لتفسير الفائدة وحق الرأسمالي في فرضها على المدين . وعرفنا أيضاً أن تبري الفائدة بعنصر المخاطرة خطأ من الأساس في نظر الإسلام . لأنه لا يعتبر المخاطرة أساساً مشروعاً للكسب ، وإنما يربط الكسب بالعمل المباشر أو المختزن . والرأسمالية في تبريرها هذا للفائدة تتناسى دور الرهن في ضمان المال للدائن وإزالة عنصر المخاطرة من عملية القرض ، فما رأيها في القروض المدعمة برهن وضمانات كافية ؟ . ولم يقتصر المفكرون الرأسماليون على بط الفائدة بعنصر المخاطرة وتفسيرها في هذا الضوء ، بل قدموا لها عدة تفسيرات لتبريرها من الناحية المذهبية . فقد قال بعض المفكرين الرأسماليين ، ان الفائدة يدفعها المدين إلى الرأسمالي تعويضاً له عن حرمانه من الانتفاع بالمال المسلف ، ومكافأة له على انتظاره طيلة المدة