وبعد تقديم النظرية في إطارها الرأسمالي نستعرض النظرية الإسلامية في توزيع ما بعد الإنتاج كما نؤمن بها ، حتى إذا أعطينا الصورة المحددة لها وأبرزنا بوضوح الفوارق بين النظريتين عدنا إلى البناء العلوي المتقدم ، لندعم افتراضنا للنظرية الإسلامية ، ونشرح طريقة استنتاجنا لها من ذلك البناء الذي تنعكس فيه معالمها الأساسية وهكذا سوف يكون البحث على مراحل ثلاث : 1 - نموذج للنظرية من الاقتصاد الرأسمالي : تحلل عملية الإنتاج عادة في المذهب الرأسمالي التقليدي إلى عناصرها الأصلية المتشابكة في العملية . وتقوم الفكرة العامة في توزيع الثروة المنتجة على أساس اشتراك تلك العناصر في الثروة التي أنتجتها ، فلكل عنصر نصيبه من الإنتاج وفقاً لدوره في العملية . وعلى هذا الأساس تقسم الرأسمالية المنتجة أو القيمة النقدية لهذه الثروة إلى حصص أربع وهي : 1 - الفائدة . 2 - الأجور . 3 - الريع . 4 - الربح . فالأجور هي نصيب العمل الإنساني ، أو الإنسان العامل بوصفه عنصراً مهماً في عملية الإنتاج الرأسمالي . والفائدة هي نصيب رأس المال المسلف . والربح هو نصيب رأس المال المشترك فعلاً في الإنتاج . والريع يعبر عن حصة الطبيعية أو حصة الأرض بتعبير أخص . وجرت عدة تعديلات على هذه الطريقة الرأسمالية في التوزيع من الناحية الشكلية ، فأدرج الربح والأجر في فئة واحدة ، اعتقاداً بأن الربح في الحقيقة نوع من الأجر على عمل خاص ، وهو عمل التنظيم الذي يباشره صاحب المشروع ، بتهيئة عناصر الإنتاج المختلفة من رأس مال وطبيعة عمل ، وتوفيقه بينها وتنظيمها في عملية الإنتاج .