كما يجب أيضاً أن لا نفصل بين المذهب الإسلامي بصيغته العامة ، وبين أرضيته الخاصة التي أعدت له ، وهيأ فيها كل عناصر البقاء والقوة للمذهب . فكما ندرك الصيغ المحسوسة على أرضيات مختلفة ، وينسجم كل شكل مع أرضية معينة ، فقد لا تصلح أرضية لشكل آخر ، ولا يصلح ذلك الشكل لأرضية أخرى . كذلك الصيغة العامة للمذهب - أي مذهب كان - تحتاج إلى أرضية وتربة ، تتفق مع طبيعتها ، وتمدها بالعقيدة والمفاهيم والعواطف التي تلائمها فلابد لدى تقدير الصيغة العامة للمذهب أن ندرسها على أساس التربة والأرضية المعدة لها ، أي ضمن إطارها العام . وهكذا يتضح أن الاقتصاد الإسلامي مترابط في خطوطه وتفاصيله ، وهو بدوره جزء من صيغة عامة للحياة [1] وهذه الصيغة لها أرضية خاصة بها ، ويوجد المجتمع الإسلامي الكامل حين يكتسب الصيغة والأرضية معاً ، حين يحصل على النبتة والتربة كليهما . ويستقيم منهج البحث في الاقتصاد الإسلامي ، حين يدرس الاقتصاد الإسلامي بما هو مخطط مترابط ، ويوصفه جزءاً من الصيغة الإسلامية العامة للحياة ، التي ترتكز بدورها على التربة والأرضية التي أعدها الإسلام للمجتمع الإسلامي الصحيح . وتتكون التربة أو الأرضية للمجتمع الإسلامي ، ومذهبه الاجتماعي ، من العناصر التالية : أولاً : العقيدة ، وهي القاعدة المركزية في التفكير الإسلامي ، التي تحدد نظرة المسلم الرئيسية إلى الكون بصورة عامة . وثانياً : المفاهيم التي تعكس وجهة نظر الإسلام في تفسير الأشياء ، على ضوء النظرة التي تبلورها العقيدة . وثالثاً : العواطف والأحاسيس التي يتبنى الإسلام بثها وتنميتها ، إلى صف تلك المفاهيم ، لأن المفهوم - بصفته فكرة إسلامية عن واقع معين - يفجر في نفس المسلم