ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه [1] . وأروي عن العالم عليه السلام ، أنه قال : مساكين القدرية ، أرادوا أن يصفوا الله عز وجل بعدله ، فأخرجوه من قدرته وسلطانه [2] . وروي : لو أراد الله سبحانه أن لا يعصى ، ما خلق الله إبليس . وأروي أن رجلا سأل العالم عليه السلام : أكلف الله العباد ما لا يطيقون ؟ فقال : كلف الله جميع الخلق ما لا يطيقونه ، إن لم يعنهم عليه ، فإن أعانهم عليه أطاقوه ، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله : ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) [3] . قلت : ورويت عن العالم عليه السلام ، أنه قال : القدر والعمل ، بمنزلة الروح والجسد ، فالروح بغير الجسد لا يتحرك ولا يرى ، والجسد بغير الروح صورة لا حراك له ، فإذا اجتمعا قويا وصلحا وحسنا وملحا ، كذلك القدر والعمل ، فلو لم يكن القدر واقعا على العمل ، لم يعرف الخالق من المخلوق ، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر ، لم يمض ولم يتم ، ولكن باجتماعهما قويا وصلحا ، ولله فيه العون لعباده الصالحين [4] . ثم تلا هذه الآية : ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) [5] الآية ثم قال العالم عليه السلام : وجدت ابن آدم بين الله وبين الشيطان ، فإن أحبه الله تقدست أسماؤه خلصه واستخلصه ، وإلا خلى بينه وبين عدوه . وقيل للعالم عليه السلام : إن بعض أصحابنا يقولون بالجبر ، وبعضهم يقولون بالاستطاعة ، قال فأمر أن يكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله عز وجل : يا بني آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء ، وبقوتي أديت فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، خلقتك سميعا بصيرا ما أصابك من حسنة فمني ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك بذنوبك ومعاصيك ،
[1] الكافي 2 : 48 / 4 و 7 ، مشكاة الأنوار : 12 ، شهاب الأخبار : 109 / 596 باختلاف يسير من " لا يكون المؤمن مؤمنا . " . [2] ورد باختلاف في ألفاظه في التوحيد : 382 / 29 . [3] النحل 16 : 127 . [4] التوحيد : 366 / 4 ، مختصر بصائر الدرجات : 137 باختلاف يسير من " القدر والعمل . " . [5] الحجرات 49 / 7 .