نام کتاب : غنية النزوع نویسنده : ابن زهرة الحلبي جلد : 1 صفحه : 53
والنية هي أن يريد المكلف الوضوء لرفع الحدث واستباحة ما يريد استباحته به من صلاة أو غيرها ما يفتقر إلى طهارة طاعة لله وقربة إليه . اعتبرنا تعلق الإرادة برفع الحدث ، لأن حصوله مانع من الدخول فيما ذكرناه من العبادة . واعتبرنا تعلقها باستباحة العبادة ، لأن ذلك هو الوجه الذي لأجله أمر برفع الحدث ، فما لم ينوه لا يكون ممتثلا للفعل على الوجه الذي أمر به لأجله . واعتبرنا تعلقها بالطاعة لله تعالى ، لأن بذلك يكون الفعل عبادة . واعتبرنا القربة إليه سبحانه - والمراد بذلك طلب المنزلة الرفيعة عنده بنيل ثوابه ، لا قرب المسافة ، على ما بيناه فيما مضى من الأصول - لأن ذلك هو الغرض المطلوب بطاعته ، الذي عرضنا سبحانه بالتكليف له . واعتبار القربة في النية عبادة في نفسه ، أمر الله تعالى به ، ومدح على فعلها ، ووعد سبحانه عليه الثواب . ودليل الأمر بها قوله تعالى : * ( واسجد واقترب ) * ( 1 ) ، وقوله تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) * ( 2 ) لأن المعنى إما أن يكون افعلوا ذلك على رجائكم الفلاح به ، وإما أن يكون افعلوه لكي تفلحوا . ودليل مدحه سبحانه على ذلك ووعده الثواب عليه قوله : * ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول إلا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته ) * ( 3 ) فأخبر سبحانه عن باطنهم وما نووه من التقرب بالطاعة إليه ، ومدحهم على ذلك ، ووعدهم الثواب عليه .