نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 163
فإن قيل : هذا دفع للعيان ، لأنا نرى اليهود والنصارى يتقربون [1] إلى الله تعالى بكثير من العبادات ويتصدقون لوجه الله عز وجل ، ويفعلون في كثير من أبواب البر مثل ما يفعله المؤمن ، ولو لم يكن في ذلك إلا أنهم عارفون بالله عز وجل وبنبوة أنبيائه . قلنا : ليس فيما تنكروه [2] من وقوع الطاعات من الكفار دفع للعيان ، وأنى عيان يدخل في كون الطاعة طاعة . والوجه الذي يقع عليه الطاعة فيكون طاعة ، مستور عن الخلق لا يعلمه إلا علام الغيوب جلت عظمته ، وأكثر ما يمكن أن يدعى وقوع ما أظهره الطاعة من الكفار ، فأما القطع على أن ذلك طاعة وقربة على الحقيقة فلا طريق إليه . وإذا دل الدليل الذي تقدم ذكره على أن الطاعات لا يقع منهم ، قطعنا على أن ما ظاهره الطاعة ليس بطاعة على الحقيقة ، لأن الطاعة تفتقر إلى قصود ووجوه لا يطلع العباد عليها . فأما معرفة الكفار بالله تعالى وبأنبيائه ، فالقول فيها كالقول في الطاعات ، والصحيح أنهم غير عارفين ، وكيف يكونون عارفين ؟ والمعرفة بالله تعالى ورسله عليهم السلام مستحق عليها أجزل الثواب والمدح والتعظيم ، والكافر لا يستحق شيئا من ذلك . ولا معول على قول من يقول : فقد نظروا في الأدلة التي تولد المعرفة المفضية إلى العلم ، فكيف لا يكونون عارفين والنظر في الأدلة يولد المعرفة ؟ وذلك أنا أولا لا نعلم أنهم نظروا في الأدلة ، لأن ذلك مما لا نعلم ضرورة ، ثم إذا علمناه فلا نعلم أنهم نظروا فيها من الوجه الذي يفضي إلى العلم ، ثم