نام کتاب : جامع الخلاف والوفاق بين الإمامية وبين أئمة الحجاز والعراق نویسنده : علي بن محمد القمي جلد : 1 صفحه : 600
قضى على جهل . ويجب أن يكون عدلا بلا خلاف إلا من الأصم ، وخلافه غير معتد به . وينبغي أن يكون كامل العقل ، حسن الرأي ، ذا حلم وورع ، وقوة على القيام بما فوض إليه . ويجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في جميع الأشياء من الأموال والحدود والقصاص وغير ذلك . وسواء في ذلك ما علمه في حال الولاية أو قبلها ( 1 ) أو بعدها في غير موضع ولايته ، الباب واحد . وللشافعي في حقوق الآدميين قولان أحدهما ما قلناه ، وبه قال أبو يوسف ، واختاره المزني ، وعليه نص في الأم واختاره ، والقول الثاني : لا يقضي بعلمه بحال ، وبه قال في الفقهاء مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى وإسحاق ، فأما حقوق الله تعالى فإنها تبنى على القولين ، فإذا قال : لا يقضي بعلمه في حقوق الآدمين فبأن لا يقضي به [ 219 / أ ] في حقوق الله أولى ، وإذا قال : يقضي بعلمه في حقوق الآدميين ففي حقوق الله قولان ، وقال أبو حنيفة ومحمد : إن علم ذلك بعد التولية في موضع ولايته حكم ، وإن علم قبل التولية أو بعدها في غير موضع ولايته لم يقض به ، هذا في حقوق الآدميين ، فأما في حقوق الله فلا يقضي عندهم بحال . لنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى : { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } ( 2 ) ، وقوله : { يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق } ( 3 ) ، ومن حكم بعلمه فقد حكم بالحق والعدل ، وأيضا قوله تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة } ( 4 ) ، { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ( 5 ) . ومن علمه الإمام أو الحاكم زانيا أو سارقا وجب عليه امتثال الأمر ، وإذا ثبت ذلك في الحد ثبت في الأموال ، لأن أحدا لم يفرق بين الأمرين ، وأيضا فلو لم يقض الحاكم بعلمه ، لأدى إما إلى فسقه ، من حيث منع الحق الذي يعلمه ، أو إعطاء ما لم يعلم استحقاقه ، وإما إلى إيقاف الحكم ، والأول يقتضي فسخ ولايته وإبطال أحكامه مستقبلا والثاني ينافي المقصود بها ، و أيضا فإنما يحتاج إلى البينة ليغلب في الظن صدق المدعي ، ولا شبهة في أن العلم بصدقه آكد من