نام کتاب : الخلاف نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 8
واستمرت الحال سنون متمادية حتى اختار الله للسيد المرتضى اللقاء به ، لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة 436 هجرية . فاستقل الشيخ الطوسي بالظهور ، وانثنت له وسادة المرجعية العليا للطائفة ، وتفرد بالزعامة الكبرى ، وأصبح وحيد العصر بلا منازع ، فقصد إليه القاصدون يضربون آباط الإبل بعد أن سار ذكره في الآفاق سير المثل ، وازدلفت إليه العلماء تستضئ بنوره المتألق وترتشف من معينه المتدفق ، يشد إليه الرحال من كل حدب وصوب ليستمتعوا بغزير علومه على اختلاف مسالكهم ومذاهبهم ، ويستزيدوا من سعة دائرة استبحاره في شتى العلوم ، حتى بلغ عدد تلاميذه الذين اجتهدوا على يديه ، وتلقوا منه رموز العلم وكنوز المعرفة ، أكثر من ثلاثمائة مجتهد من الخاصة ، فضلا عن العامة الذين لا يمكن حصرهم و عدهم ، لما رأوا فيه من شخصية علمية وقادة ونبوغا موصوفا ، وعبقرية ظاهرة في العلم والعمل ، حتى أن خليفة الوقت القائم بأمر الله ( عبد الله بن القادر بالله أحمد ) أسند إليه كرسي الكلام والإفادة ، ولم يكن هذا الكرسي ليمنح إلا للأوحدي من الناس في ذلك العصر ، والمتفوق على الكل علما وعملا وكمالا . فلم يفتأ شيخ الطائفة على هذا المنوال اثنتي عشرة سنة مقصودا لحل المشكلات ، وأداء المهمات ، وقضاء الحاجات ، حتى حدثت القلاقل والفتن والاضطرابات . وجد الشيخ الطوسي في إخمادها وإطفاء لهيبها ، ولكن الحظ لم يحالفه ، فاضطرمت نيرانها أكثر فأكثر . تلك الأحداث المؤلمة التي شنها ( طغرل بك ) أول ملوك السلجوقيين على الشيعة العزل من السلاح ، عند دخوله بغداد عام 447 هجرية ، فأمر بإحراق مكتبة شيخ الطائفة العامرة بأمهات الكتب الخطية الثمينة ، والتي لا تقدر بثمن ، تلك المكتبة التي بذل أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي
8
نام کتاب : الخلاف نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 8