نام کتاب : الانتصار نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 38
يقينا أن هذه التهمة لم تلصق بأبي العلاء إلا بعد رجوعه إلى المعرة ، واعتكافه في منزله ، وعلى الجملة فإن هذه الحكاية والتي سبقتها من واد واحد " . وأما الحكاية التي يشير إليها العلامة الراوي فهاك نصها مع تعليقه عليها أيضا : قال العلامة الراوي : وأما الحكاية التي اعتبرها بعض الفضلاء من أسباب رحلته عنها ( يعني رحلة المعري عن بغداد ) فليس في شعر أبي العلاء ولا نثره ما يشعر بها ، أو يشير إليها ، مما ينبئ بأن أبا العلاء نفسه لا يعرفها ، وإنما هي من وضع الرواة ورواد النوادر وقد تلقفها الناس وتناقلوها من غير تمحيص . وهاك النص الذي جاء في " معجم الأدباء للحموي " : كان أبو العلاء يتعصب للمتنبي ويزعم أنه أشعر المحدثين ، ويفضله على بشار ومن بعده مثل أبي نؤاس وأبي تمام ، وكان المرتضى يبغض المتنبي ، ويتعصب عليه ، فجرى يوما بحضرته ذكر المتنبي فتنقصه المرتضى وجعل يتتبع عيوبه ، فقال المعري : لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلا قوله : لك يا منازل في القلوب منازل . . . لكفاه فضلا . فغضب المرتضى وأمر فسحب برجله وأخرج من مجلسه ، وقال لمن بحضرته : أتدرون ما أراد بذكر هذه القصيدة ؟ فإن للمتنبي ما هو أجود منها لم يذكرها ، فقيل : النقيب السيد أعرف . فقال : أراد قوله في هذه القصيدة : وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي بأني كامل وقد تتبعت جذور هذه الحكاية فلم أجد لها أصلا يعتمد عليه . وإن كثر ناقلوها فإنهم لم يذكروا لنا واحدا من شهود الحادثة . مع أنهم يزعمون أنها وقعت في مجلس السيد المرتضى وهو بحكم العادة يومئذ كان يزخر بطلاب العلم ورجال الفضل مما يشير إلى أنها مختلقة من أساسها . فلا أبو العلاء يعتبر الشريف ناقصا ، ولا الشريف يحط من قدر أبي العلاء فيخرجه مهانا . ويظهر أن الذي ابتدع هذه الحكاية أراد أن يرفع من ذكاء الرجلين فحط من خلقيهما .
38
نام کتاب : الانتصار نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 38