نام کتاب : الانتصار نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 25
بحسن الصدق النفع وقبح الكذب الضار وغيرهما من الأمور البديهية ، وإن كانت بعض الأحكام التكليفية كالعبادات مثلا لا يمكن استقلال العقل بالحكم فيها بالحسن أو القبح إلا عن طريق الشرع ، فما ورد الشرع بحسنه أو قبحه أمر لا مجال للعقل في تحسينه أ تقبيحه ، فمرتبة العقل بعد مرتبة الشرع بلا جدال . " فأجمعت الإمامية على أن العقل يحتاج في علمه ونتائجه إلى السمع ( أي المسموع من الشرع ) وأنه غير منفك عن سمع ينبه الغافل على كيفية الاستدلال ، وأنه لا بد في أول التكليف وابتدائه في العالم من رسول " وإن من قرية إلا خلا فيها نذير " " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " ، وخالفهم في جميع ذلك المعتزلة والخوارج والزيدية ، وزعموا أن العقول تعمل بمجردها من السمع والتوقيف . إلا أن البغداديين من المعتزلة خاصة يوجبون الرسالة في أول التكليف ويخالفون الإمامية في علتهم لذلك " [1] . وذهبوا إلى أن الإنسان المكلف محاسب على أعماله المكلف بها على قدر اختياره لها وقدرته عليها " لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " ، " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " . واتفقت الإمامية على أن الوعيد بالخلود في النار متوجه على الكفار خاصة ، دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة . كما اتفقوا على أن من عذب بذنبه من هؤلاء لا يخلد في العذاب ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وهو التخليد في العذاب ، وهو ما يعرف عندهم - أي المعتزلة - ب " الوعيد " . واتفقت الإمامية على أن مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والإقرار لا يخرج بذلك عن الإسلام ، وأنه مسلم وإن كان فاسقا بما فعله من الكبائر والآثام ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك ، وزعموا أن مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق ليس بمؤمن ولا كافر وهذا القول يعرف عندهم ب " المنزلة بين المنزلتين " التي ميزت المعتزلة في أول أمرهم عن سائر فرق الإسلام ، وأول من قال بهذه المقالة منهم هو واصل بن عطاء الغزال . ويذهب الإمامية في الإمامة - بأجمعهم - إلى أنها بالنص الجلي على الأئمة الاثني
[1] راجع كتاب أوائل المقالات في المذاهب المختارات : للشيخ المفيد ص 44 ، ط . إيران .
25
نام کتاب : الانتصار نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 25