نام کتاب : الانتصار نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 23
ما كان يومك يا أبا إسحاق * إلا وداعي للمنى وفراقي [1] وهذا إن دل على شئ ، فإنه يدل على رحابة صدر المرتضى وسعة أفقه وشريف نظرته الإنسانية التي تعبر عن قلبه الشفيق الرحيم العطوف على هذه النفوس البشرية المعذبة بويلات العصبية الرعناء والطائفية البغيضة ، والعنعنات الباطلة ، المنبعثة من الجهل المطبق ، وضيق الأفق المحدود ، فالمرتضى كان له أسوة حسنة في جده الرسول الأعظم وأهل بيته الكرام وأصحابه الأجلة ، المرددين قول رب الخلق أجمعين : " يا أيها الناس ، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم " . أما شغف المرتضى بجمع الكتب وولعه باقتنائها فيكفينا أن نذكر أن خزانته ضمت ثمانين ألف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومقروءاته ، على ما حصره وأحصاه صديقه أبو القاسم التنوخي [2] . وقد قومت هذه الكتب بثلاثين ألف دينار على ما ذكره الثعالبي في كتابه يتيمة الدهر ، هذا بعد أن أهدى الشريف من هذه الكتب إلى الرؤساء والوزراء شطرا ، وسيأتيك ذكر مؤلفاته الخاصة في فهرست كتبه . دراسته وشيوخه : تتلمذ المرتضى على كثير من علماء عصره في مختلف العلوم والفنون ، فإنه درس
[1] هذه المرثية مثبتة في هذا الديوان ، وهي تكذب ما نسبه إليه بعض الرواة دون مبالاة من أنه لما نقل إليه رثاء أخيه الشريف الرضي للصابي بالقصيدة المشهورة التي مطلعها : أرأيت من حملوا على الأعواد ؟ * أرأيت يوم خبا ضياء النادي ؟ قال الشريف المرتضى ( على ما زعم ) نعم ما حملوا إلا كلبا . [2] راجع روضات الجنات ص 383 والتنوخي : هو أبو القاسم علي بن المحسن القاضي صاحب المرتضى وتلميذه ، ولد بالبصرة سنة 365 ه وولي القضاء بالمدائن ، وكان متحفظا في الشهادة محتاطا صدوقا في الحديث توفي " سنة 447 " ودفن في داره بدرب التل ، وقد كتب عنه الخطيب البغدادي وصلى على جنازته .
23
نام کتاب : الانتصار نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 23