نام کتاب : الانتصار نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 16
ومعاشا حتى أنه وقف قرية من قراه تصرف مواردها على قراطيس الفقهاء [1] والتلاميذ ، وأنه كان يجري الجرايات والمشاهرات الكافية على تلامذته وملازمي درسه ، مثل الشيخ الطوسي ، فقد كان يعطيه اثني عشر دينارا في الشهر ، ويعطي للقاضي عبد العزيز بن البراج ثمانية عشر دينارا وغيرهما ، وذلك بفضل ما يرد عليه من دخل أملاكه الخاصة الذي قدر بأربعة وعشرين ألف دينار بالسنة [2] ولما يمتلكه من قرى وضياع قيل إنها ثمانون قرية بين بغداد وكربلاء ، يجري خلالها نهر له ، غرست الأشجار الوارفة على حافتيه فتهدلت غصونها بثمارها اليانعة ، فكان ذلك الانعطاف يسهل على أصحاب السفن والسابلة العابرين قطف تلك الأثمار التي أباحها المرتضى لهم [3] . وبعد هذا فالرواية إن لم تكن موضوعة ومفتعلة من أصلها ، فهي محرفة ، أو مبالغ فيها على أقرب الاحتمالات ، لما رأيت من اختلال أسانيدها ومتونها . وعلى فرض القول بصحتها ، فإن للشريف المرتضى مخرجا منها ومندوحة عنها ، بحملها على محامل التعديل ومخارج التأويل . أفلا يحتمل أن يكون الشريف قد رأى بثاقب رأيه وسديد اجتهاده ، أن ما ألقي عليه من ضريبة لحفر النهر ، إنما هو من المصالح العامة التي يتحتم على الدولة القيام بها ، والإنفاق عليها ؟ ولم يدر الشريف بدفعها عنه سوى دفع مظلمة أو إزالة ضرر ، وكلاهما يجب أن يدفعا ، كبيرين كانا أو صغيرين ، وقد يكون السكوت عنهما يجر إلى مغارم ، والرضا بهما يؤدي إلى مآثم ، والكل محظور في الشريعة ، والراضي بعمل قوم كالداخل معهم فيه . وقد ذكر صاحب روضات الجنات عن السيد نعمة الله الجزائري ما يفيد معنى ما ذكرناه وهذه صورته :
[1] جاء في ص 89 و 110 من كتاب أدب المرتضى لعبد الرزاق محيي الدين " كاغد الفقراء " مصحفة عن " كاغد الفقهاء " [2] معجم الأدباء لياقوت 13 / 154 . [3] روضات الجنات ص 383
16
نام کتاب : الانتصار نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 16