2 - إن المعروف أن القرن السادس قرن الجمود والتقليد لما ورث الفقهاء من الآراء عن الشيخ الطوسي - قدس سره - وأن أول من نهض لرفض الجمود هو الشيخ محمد بن إدريس الحلي ( ت 598 ه ) ولكن ذلك زعم غير صحيح ، وهذا هو الشيخ ابن البراج الطرابلسي ( 400 - 481 ه ) قد خالف في كتابه المهذب آراء أستاذه أبي جعفر الطوسي ، وقد ذكرنا بعض مناظراته الفقهية مع الشيخ الطوسي في تقديمنا لذلك الكتاب . والنموذج البارز لبطلان ذلك العزم هو كتاب إصباح الشيعة لشيخنا الكيدري ، فمع أن الرأي المنقول عن الشيخ ، والموجود في كتابه النهاية في فريضة الخمس هو دفنه أو الوصاية حيث قال : ولو أن إنسانا استعمل الاحتياط وعمل على أحد الأقوال المقدم ذكرها من الدفن أو الوصاية لم يكن مأثوما [1] مع أن هذا كان هو رأي شيخنا الطوسي لكن يتراءى أن مؤلفنا أبدى بشجاعة علمية خاصة رأيا خاصا وألف كتابا فيه ، وقال : فأما ما عدا ذلك من أخماسهم ، فلا يجوز لاحد التصرف فيه ، وحكمه في أيدي شيعتهم ومن اشتغل به ذمتهم ، حكم ودائع المسلمين وأماناتهم . وقد أمليت في ذلك مسألة مستوفاة مستقصاة وسميتها تنبيه الأنام لرعاية حق الامام يطلع بها على ثنايا هذه المسألة وخباياها [2] يا حبذا لو أطلعنا على هذا الكتاب حتى نتعرف على ما في ثناياه ، فلعل فيها ، شيئا على خلاف ما ذهب إليه الشيخ في النهاية . 3 - إن شيخنا ( محقق الكتاب ) قد أخذ مصورة مكتبة المرعشي برقم 127 والذي جاء اسمه في الجزء الأول ص 123 من فهرست المصورات ، أصلا في التحقيق والتعليق ، ويرجع تاريخ كتابتها إلى سنة 645 ه قريبا من عصر المؤلف ، ولم يكن خاليا من سقط وتصحيف ، ومع ذلك فلها قيمتها الخاصة ، وبما أن إصباح الشيعة قد طبع مبعضا وموزعا على الكتب الفقهية في الموسوعة : سلسلة الينابيع الفقهية ، اتخذه المحقق نسخة ثانية وأشار إليها برمز س ومع التقدير لجهود جامعها : العلامة الشيخ علي أصغر مرواريد - دام مجده - لم تكن المطبوعة في الموسوعة خالية عن السقطات الكثيرة والأغلاط المغيرة للمعنى وقد أشار المحقق إلى لفيف منها في التعليقة وأعرض عن كثير . وهذا يفرض على مدونها ، إعادة النظر في تصحيحها وتحقيقها خصوصا أن الموسوعة ، أصبحت ، أوسع موسوعة فقهية شيعية في العالم الاسلامي .
[1] الطوسي : النهاية : 201 . [2] لاحظ هذا الكتاب : 128 .