وعندما يرفع يديه إلى جانب أذنيه ، يجعل كل شئ غير الله وراء ظهره . وعندما يقول ( الله أكبر ) يلغي أمام عظمة الله تعالى كل أفكار الذهن البشري وأوهامه عنه تعالى ، وكل الأوصاف والحدود ، فهو سبحانه أكبر من أن يوصف . * ثم يبدأ كلامه مع الله تعالى ، والصلاة كلام الانسان مع الله ، والقرآن كلام الله مع الانسان ، لكن الانسان يبدأ كلامه مع الله بكلام الله تعالى ، لأنه لا يمكن للإنسان أن يحمد الله إلا بما علمه الله من حمده ، وبحرمة كلام الله تعالى يصير كلام الانسان لائقا لأن يسمع ( سمع الله لمن حمده ) . * والصلاة لابد أن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب بمقتضى ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) [1] ، وكما أن القرآن الذي هو كلام الخالق مع الخلق يبدأ بسورة الحمد ، فكذلك الصلاة التي هي تكلم الخلق مع الخالق ، تبدأ بسورة الحمد . والمصلي لابد أن يأتي بالحمد والسورة بقصد القراءة ، لكن الوصول إلى حقيقة الصلاة إنما يحصل بالتوجه إلى المعاني والإشارات واللطائف التي في أفعال الصلاة وأقوالها ، ولذا نشير إلى بعض خصائص سورة الحمد : تضمنت هذه السورة المباركة خلاصة الاسلام ، ففيها معرفة المبدأ والمعاد ، وفيها أسماء الله تعالى وصفاته ، وهذه السورة عهد الانسان مع الله ، وعهد الله للإنسان ، وحسب بعض الروايات [2] فإن اسم الله الأعظم موزع فيها . وتمتاز سورة الحمد بأن الله تعالى قسمها بينه وبين عبده ، فنصفها إلى ( مالك يوم
[1] عوالي اللئالي ج 2 ص 218 . [2] ثواب الأعمال ص 104 .