يقولون : يا بن رسول الله ! يا بن رسول الله ! النار النار ، فما رفع رأسه حتى أطفئت ، فقيل له : ما الذي ألهاك عنها ؟ فقال : نار الآخرة [1] . وعن زرارة بن أعين قال : سمع سائل في جوف الليل ، وهو يقول : أين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة ، فهتف هاتف من ناحية من البقيع يسمع صوته ولا يرى شخصه : ذاك علي بن الحسين [2] . عن الزهري قال : دخلت مع علي بن الحسين ( عليهما السلام ) على عبد الملك بن مروان قال : فاستعظم عبد الملك ما رأى من أثر السجود بين عيني علي بن الحسين ، فقال : يا أبا محمد لقد بان عليك الاجتهاد ، ولقد سبق لك من الله الحسنى ، وأنت بضعة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقريب النسب وكيد السبب ، وإنك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك ، ولقد أوتيت من العلم والفضل والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك ، إلا من مضى من سلفك ، وأقبل يثني عليه ويطريه ، قال : فقال علي بن الحسين : كلما ذكرته ووصفته من فضل الله وتأييده وتوفيقه ، فأين شكره على ما أنعم ، إلى أن قال : والله لو تقطعت أعضائي وسالت مقلتاي على صدري لن أقوم لله جل جلاله بشكر عشر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمه التي لا يحصيها العادون ، ولا يبلغ حد نعمة منها علي جميع حمد الحامدين ، لا والله أو يراني الله لا يشغلني شئ عن شكره وذكره في ليل ولا نهار ولا سر ولا علانية ، لولا أن لأهلي علي حقا ولسائر الناس من خاصهم علي حقوقا لا يسعني إلا القيام بها حسب الوسع والطاقة حتى أؤديها إليهم ، لرميت بطرفي إلى السماء وبقلبي إلى الله ، ثم لم أردهما حتى يقضي الله على نفسي وهو خير الحاكمين ، وبكى ( عليه السلام ) وبكى عبد الملك . . . [3] .
[1] كشف الغمة ج 2 ص 74 ، وبتفاوت في البداية والنهاية ج 9 ص 123 . [2] روضة الواعظين ص 199 ، الإرشاد ج 2 ص 144 ، كشف الغمة ج 2 ص 86 . [3] فتح الأبواب ص 170 .