وأشارت ( عليها السلام ) إلى بقية النبوة والرسالة بقولها ( عليها السلام ) : " كتاب الله الناطق ، والقرآن الصادق ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، بينة بصائره ، منكشفة سرائره ، منجلية [ متجلية ] ظواهره ، مغتبط به أشياعه ، قائد إلى الرضوان اتباعه ، مؤد إلى النجاة استماعه ، به تنال حجج الله المنورة ، وعزائمه المفسرة ، ومحارمه المحذرة ، وبيناته الجالية ، وبراهينه الكافية ، وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة " . وبيانها ( عليها السلام ) يكشف عن إحاطتها بما في القرآن الحكيم من ظاهره الأنيق إلى باطنه العميق ، ولا يسعنا شرح كلماتها في الرسول ورسالته ، والقرآن وهدايته ، لاشتمالها على ما لا يدرك بعضه فضلا عن كله ، ونقتصر على التعرض لمتن كلامها الذي أشارت به إلى جملة من الأسرار المكنونة في الشرائع المكتوبة في القرآن ، قالت ( عليها السلام ) : " فجعل الله الإيمان تطهيرا لكم من الشرك ، والصلاة تنزيها لكم من الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق ، والصيام تثبيتا للإخلاص ، والحج تشييدا للدين ، والعدل تنسيقا للقلوب ، وطاعتنا نظاما للملة ، وإمامتنا أمانا للفرقة [ من الفرقة ] ، والجهاد عزا للإسلام ، والصبر معونة على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة ، وبر الوالدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدد ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة ، وتوفية المكاييل والموازين تغييرا للبخس ، والنهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس ، واجتناب القذف حجابا عن اللعنة ، وترك السرقة إيجابا للعفة ، وحرم الله الشرك إخلاصا له بالربوبية " . والتأمل في هذه الكلمات يرشدنا إلى أن الشريعة التي يكمل بها الانسان ، وتصان بها العقول والنفوس والأعراض والأموال ، وتضمن بها الحقوق ، وتحفظ بها المصلحة العامة ، وتدعو إلى الإيمان والعدل والتنزيه والتزكية والعز والعفة ، وتسوق المجتمع إلى أحسن نظام بإمامة الأفضل في العلم والأخلاق والأعمال ، إنما هي شريعة الاسلام .