وبقاء جثمانهما في هذه الدار مخالف لما هو من ضروريات الفقه لمن له أدنى مرتبة من الفقاهة . الثالث : التبعيض في صدقة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والتخصيص في حكمها من دون مخصص بين بنت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأزواجه ، حيث أخذ أبو بكر الصدقة من بنت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قهرا وأسكن بنته فيها ، ولم يكتف بهذا ، بل استأذنها ، والإستيذان لا مصحح له إلا من المالك أو الوكيل أو الولي . ثم كيف يرتفع التناقض بين عمله هذا ، وقوله : هذا والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحب إلي أن أصل قرابتي [1] ، وقوله : والله لأن تفتقر عائشة أحب إلي من أن تفتقري [2] ؟ ! الرابع : أنه لو صحت هذه الرواية ( إنا لا نورث ما تركناه صدقة ) من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهل يعقل أن يكتمها عن وصيه المتكفل لجميع شؤونه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعن أقرب الخلق اليه بضعته الصديقة الطاهرة ( عليها السلام ) ، ويكون الذي بعثه الله لرفع المفسدة والاختلاف سببا - بهذا الإخفاء - للاختلاف والمفسدة والشقاق بين الأمة . ؟ ! الخامس : أن فدكا إن كانت صدقة على المسلمين ، ولذلك منعت عن بنت رسول الله وأبناء الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فكيف أقطع عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان بن الحكم ما تصدق به رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بموضع سوق بالمدينة يعرف بمهزور على المسلمين [3] ؟ !
[1] مسند أحمد ج 1 ص 9 ، صحيح البخاري ج 4 ص 210 باب مناقب قرابة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، صحيح مسلم ج 5 ص 154 ومصادر أخرى . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 16 ص 214 . [3] شرح نهج البلاغة ج 1 ص 198 ، نيل الأوطار ج 6 ص 51 .