ولاه يرى الزلل والعلل ، ولا يمسك عن الرحمة والإحسان ، فلا بد أن لا يصير تفوق الوالي موجبا لعدم الإغماض عن زلات الرعية . فكما ينتظر الوالي العفو من الله سبحانه والرحمة - مع ما يرى من نفسه من الزلل والعلل - كذلك عليه أن يعامل الرعية - مع ما يصدر منهم عمدا أو خطأ - بالعفو والصفح والمحبة والإحسان ، وأن تعم رحمته وإحسانه كل من كان نظيره في الخلق وإن خالفه في الدين . فالحكومة العلوية ظهور الرحمة الرحمانية الإلهية على المسلم والكافر ، والبر والفاجر ، وبها تتجلى شمس الرسالة الخاتمة التي هي رحمة للعالمين . * وعلى الوالي أن لا يرى نفسه آمرا لابد أن يطاع ، فإن من رأى لنفسه حق الطاعة المطلقة إلا من عصمه الله جره ذلك إلى الشقاء كما قال ( عليه السلام ) : " ولا تقولن إني مؤمر آمر فأطاع ، فإن ذلك إدغال في القلب ومنهكة للدين ، وتقرب من الغير [ الفتن فتعوذ بالله من درك الشقاء ] . " ولا ريب أن آفة عقل الوالي التكبر الذي يحدث من سلطانه وملكه ، فلا بدله عند ما حدث له أبهة أن يكون ناظرا إلى عظم ملك الذي وسع كرسيه السماوات والأرض وقدرة القاهر على عباده الذي بيده ناصية كل شئ ، وجبروت الذي بيده ملكوت كل شئ ، فقال عليه السلام : " وإذا حدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة ، فانظر إلى عظم ملك الله فوقك ، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك ، فإن ذلك يطامن إليك من طماحك ، ويكف عنك من غربك ، ويفئ إليك بما عزب عنك من عقلك . وإياك ومساماة الله في عظمته ، والتشبه به في جبروته ، فإن الله يذل كل جبار ، ويهين كل مختال [ فخور ] " .