وعذبوا سمية أم عمار العجوز لكي ترجع عن دينها وتكفر ، فلم تفعل فقتلوها ! [1] . ومع كل هذا الأذى ، ففي بعض الظروف طلب منه بعض أصحابه أن يدعو على قومه فقال " إنما بعثت رحمة للعالمين " [2] وكان يدعو لقومه " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " [3] ! فكان يريد لهم من الله الرحمن بدل العذاب ، رحمة لا يتصور فوقها رحمة ، وهي نعمة الهداية ، وأضاف القوم إلى نفسه بقوله : " قومي " ليصونهم بذلك من عذاب الله ، ويكون شافعا لهم عنده بدلا من أن يشكوهم إليه ، ويعتذر لهم بأنهم لا يعلمون . وكانت معيشته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الزهد والتقشف ، فكان طعامه خبز الشعير ، وما كان يأكل منه بقدر الشبع [4] . وقد جاءت إليه الصديقة الكبرى - في غزوة الخندق - ومعها كسيرة من خبز ، فدفعتها إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما هذه الكسيرة ؟ قالت : قرصا خبزتها للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا فاطمة أما انه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاث ! [5] . ولم يكن تقشفه كذلك بسبب قلة ذات يده ، فقد كانت تصل إليه - في نفس تلك الأيام - الأموال فيقسمها ويهب ويتصدق ، حتى أنه كان يعطي لشخص واحد
[1] إعلام الورى ج 1 ص 132 الفصل الخامس في ذكر ما لقى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أذى المشركين . . . [2] بحار الأنوار ج 8 ص 243 . [3] الخرائج والجرائح ج 1 ص 164 . [4] الأمالي للصدوق ص 398 ، مكارم الأخلاق ص 28 . [5] عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ج 2 ص 40 باب 31 ح 123 .