الحديث الأول : عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال : " إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشروه ، ويحاجهم ويحاجوه ، ثبت أن له سفراء في خلقه ، يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ، ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه جل وعز ، وهم الأنبياء ( عليهم السلام ) وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدبين بالحكمة ، مبعوثين بها ، غير مشاركين للناس - على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب - في شئ من أحوالهم ، مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة ، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين ، لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته " [1] . وفيما يلي نشير إلى بعض المعاني التي تضمنها كلامه ( عليه السلام ) : ذكر ( عليه السلام ) دليل ضرورة بعثة الأنبياء بقوله : ( وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا . . إلى قوله فناؤهم ) ، ومعناه أن كل فعل وترك وحركة وسكون يصدر من الانسان ، إما أن يكون نافعا لدنياه وآخرته ، أو ضارا ، أو غير نافع ولا ضار ، وعلى كل الفروض يحتاج الانسان إلى معرفة ما هو النافع وما هو الضار وما هو المصلح والمفسد لدنياه وآخرته ، وهذه المعرفة لا تتيسر إلا من عند من هو خبير بالرابطة التي بين الأفعال والتروك وصلاح الانسان وفساده ، ومحيط بتأثير الحركات والسكنات في حياة الانسان في الدنيا والآخرة ، وإنما هو خالق الانسان ، وخالق الدنيا والآخرة سبحانه . *