وحيث يستحيل الوضع والنسبة إلى المعدوم ، فلا يمكن تأثير المادة والطبيعة في الموجودات المختلفة المسبوقة بالعدم ، فوجود كل ما كان معدوما دليل على وجود قدرة لا يحتاج تأثيرها إلى الوضع والمحاذاة ، وتكون ما وراء الأجسام والجسمانيات { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } [1] . الطريق الرابع : الإيمان بالله تعالى مغروز في فطرة الانسان ، فالإنسان بفطرته يجد نفسه موجودا ضعيفا محتاجا إلى قدرة يستند إليها ، وإلى غني يستمد منه ، لكن انشغاله بمشاغله المختلفة ، وعواطفه تجاه ما يحبه من علائقها ، يحجبه عن وجدانه ومعرفته . ثم عندما يقع في خطر ويفقد الأمل بكل أسباب النجاة ، ويرى كل شعلة فكر خامدة ، وكل قدرة عاجزة ، تستيقظ فطرته النائمة ، ويتجه - بلا اختيار - إلى القادر الغني بالذات الذي يستند إليه ويستمد منه بفطرته . { قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجينا من هذه لنكونن من الشكرين } [2] ، { وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله } [3] ، { هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة و فرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم
[1] سورة يس : 82 . [2] سورة الأنعام : 63 . [3] سورة الزمر : 8 .