5 - شرف علم أصول الدين الانسان يعشق العلم بفطرته ، لأن ما به يكون الانسان إنسانا هو العقل ، وثمرة العقل هو العلم ، ولهذا إذا قلت للجاهل : يا جاهل ، يحزن ، مع أنه يعلم بكونه جاهلا ، بينما إذا نسبته إلى العلم يفرح ، وهو يعلم أنه ليس بعالم . وحيث إن الاسلام دين الفطرة ، فقد جعل نسبة العلم إلى الجهل نسبة النور إلى الظلمة ، ونسبة الحياة إلى الموت ( إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه ) [1] ، ( العالم بين الجهال كالحي بين الأموات ) [2] . وكل علم وإن كان بذاته شريفا إلا أن مراتب العلوم متفاوتة بسبب عدة أمور كموضوع العلم ، ونتيجته ، ونوع الاستدلال فيه ، فالعلم الباحث عن الانسان أشرف من العلم الباحث عن النبات ، بنسبة فضل الانسان على النبات ، والعلم الباحث عن ضمان سلامة الانسان أشرف من العلم الباحث عن ضمان أمواله ، بنسبة شرف حياة الانسان على ماله ، والعلم الذي يقدم نتائجه من البرهانيات أشرف من العلم الذي يستند إلى الفرضيات ، بنسبة شرف اليقين على الظن . وعلى هذا ، فإن أشرف العلوم هو العلم الذي موضوعه ( الله ) تبارك وتعالى ، مع ملاحظة أن نسبة شرف الله تعالى على غيره ليست كنسبة البحار إلى القطرة ، ولا كنسبة الشمس إلى الذرة ، بل هي نسبة غير المتناهي إلى المتناهي ، وبالنظرة الدقيقة فإن الفقير بالذات لا يمكن أن يكون طرفا في النسبة مع الغني بالذات
[1] مشكاة الأنوار 327 . [2] الأمالي للمفيد ص 29 ، المجلس الرابع ، ح 1 .