والجواب : أن مستحبَّاب الصلاة وآدابها على نوعين : أحدهما : أنَّه فعلٌ مستقلٌّ بوجوده ومتميِّزٌ عن واجباتها كالقنوت مثلا : والآخر : أنَّه حالةٌ وصفةٌ للصلاة ، وتتَّصف الصلاة بها ، من قبيل كونها في المسجد أو إيقاعها في أوَّل الوقت أو في الجماعة أو خلف الإمام الفلانيِّ . وحينئذ فإن كان الرياء في النوع الأوَّل ، فالظاهر أنَّه لا يبطل الصلاة ، وإنَّما يبطل ذلك الأمر المستحبّ إذا كان عباديَّاً ، ويأثم عليه من أجل ريائه . وأمَّا النوع الثاني : فتارةً يكون المكلَّف قاصداً الرياء في حضوره في المسجد وتواجده فيه فقط ، أو في الجماعة أو أوَّل الوقت صلَّى أو لم يصلِّ ؛ لأنَّ الدافع من وراء ذلك إيهام الناس بأنَّه من روَّاد المسجد وأهل الجماعة ومن الحريصين على الصلاة في أوَّل الوقت ، وأراد كسب ثناء الآخرين وإعجابهم به بالتدليس والتمويه لا بالصلاة ، وفي هذه الحالة له أن يصلِّي لله ، فإذا صلَّى والحال هذه صحَّت صلاته ، وبكلمة : أنَّه قصد الرياء في حضوره وتواجده هنا أو هناك ، لغاية كسب ثناء الناس ومدحهم ، وقد وصل إلى هذه الغاية بالتمويه والتدليس صلَّى أو لم يصلِّ ، فلو صلَّى فله أن يصلِّي لله تعالى . وأُخرى يكون قاصداً الرياء في اختيار أفضل أفراد الصلاة وهو الصلاة في الجماعة أو المسجد أو الحرم الشريف أو أوَّل الوقت أو غير ذلك ، وغرضه من الحضور والتواجد هنا أو هناك أن يظهر للناس رياءً اهتمامه وحرصه على اختيار الأفضل لصلاته ، وعندئذ تكون صلاته باطلةً . الثالث : قصد الاسم الخاصِّ للصلاة ، الَّتي يريد المكلَّف أن يصلِّيها المميِّز لها شرعاً ، إذا كان لها اسمٌ وعنوانٌ كذلك كصلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء ونوافلها وصلاة الجمعة وصلاة الليل وصلاة الآيات وصلاة العيدين