الصحيحين المهمتين بأداء وظيفتهم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية وتحقيق حقائقها ، والباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين وإرشاد الضالين ونصح المؤمنين ووعظهم وإصلاح ذات بينهم ونحو ذلك مما يرجع إلى تقوية دينهم وتكميل نفوسهم وتقريبهم من ربهم ، فإنهم من أحسن مصارف هذا الحق فلهم أن يأخذوا منه ما يكفيهم ويحفظ لهم عزتهم وكرامتهم ويستغنون به عن غيرهم ليتفرغوا لأداء واجبهم ، والقيام بوظيفتهم ، بعيدا عن التوسع والجمع والسرف والترف . وأما من تزيى بزيهم وانتسب لهم من دون أن يؤدي خدمة أو يقوم بواجب فلا يستحق من هذا الحق شيئا ، ولو أخذ منه كان سارقا ، وأولى بذلك من اتخذ من زيه ونسبته لهم سلما للدنيا المحرمة لا يهمه من أين أتته وأي طريق يركبه إليها ، فصار أداة للشيطان سببا لطمس الحقائق وتضليل الغافلين وتحريف أحكام الشرع المبين . أعاذنا الله تعالى من ذلك وكفانا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأعاننا على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم . وهو حسبنا ونعم الوكيل . الثاني : دفع ضرورات المؤمنين المتدينين ومد يد العون إليهم ، وإغاثة لهفتهم وتنفيس كربتهم ، فإنهم عيال صاحب هذا الحق صلوات الله عليه اللازمون له الذين يجب عليه نفقتهم وكشف ضرهم والذين يحزنه حزنهم ويؤلمه ألمهم ، لأنه الأب الرؤوف والوالد العطوف ، ففي تفريج كربتهم وإغاثة لهفتهم تفريج لكربته وأداء لوظيفته في غيبته وتحقيق لرغبته في محنته . واللازم وراء هذين المصرفين شدة الاهتمام بإحراز رضاه عليه السلام وبذل الواسع في ذلك بملاحظة المرجحات والأولويات بعيدا عن الأغراض الشخصية