تتميم . . يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر اختيار الوجه الأكمل في التأثير ، والطريق الاوصل للغرض والسبب الأوثق في بلوغ المراد . وإن من أهم أسباب تأثير الأمر والنهي في الناس شعورهم بصدق الآمر والناهي في دعوته وإخلاصه في أداء رسالته ، ولذا قيل : إن الموعظة إذا خرجت من القلب دخلت إلى القلب ، وإذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان . ومن هنا كان لأئمتنا عليهم السلام من التأثير ما ليس لغيرهم . فاللازم على شيعتهم التأسي بهم والاهتداء بهديهم والتأدب بآدابهم ، فإن لكل مأموم إماما يقتدي به ويتبع أثره . وإن من أهم دواعي تصديق الناس للآمر والناهي وشعورهم بإخلاصه اتعاظه بما وعظ فلا يأمر بمعروف إلا فعله ولا ينهى عن منكر إلا وقد اجتنبه ، فهو يعظهم بعمله قبل قوله وبسيرته قبل دعوته ، على أن من دعى للحق بلسانه وخالفه بعمله إن كان دعوته رياء ونفاقا كانت وبالا عليه وسببا لشقائه . وإن كانت صادقة وقد خالفها تسامحا وتفريطا فيا لها حسرة يوم القيامة حين يرى أنه قد أسعد الناس وأنقذهم وأشقى نفسه وأهلكها . قال تعالى ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) وعن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته لأبي ذر : " يا أبا ذر يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون : ما أدخلكم في النار ، وإنما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم وتأديبكم فيقولون : إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله " . وعن خيثمة : " قال أبو جعفر عليه السلام : أبلغ شيعتنا أنه لن ينال ما عند الله إلا بعمل . وأبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم يخالفه إلى غيره . نسأله سبحانه أن يعيذنا وجميع المؤمنين من ذلك ويسددنا لما يحب ويرضى . وهو أرحم الراحمين .