هدت الضالَّين إلى الطريق المستقيم ، وعبّدت ما كان صعب المسلك ، وذلك بجدّ الأنفس واجتهادها في سبيل العلم المنير . فأحيوا ما أخفي من سيرة أهل البيت عليهم السّلام ، وفقههم ، ونثروا دررهم على أجيال فصلت بينها وبينهم القرون . فقدّموا لنا كلامهم عليهم السّلام ، وشرحوا ما استصعب ، وأوضحوا ما خفي بالتأليف والتحقيق . فولدت المآثر والأحاديث والسير من جديد بعد أن قضت عمرا مديدا في ظلمات المكتبات ، وصار بعضها مأكلا لصغائر المخلوقات ، فجزاهم اللَّه عن الإسلام ونبيّه وآله خير جزاء المحسنين . وقد ألقيت مسؤولية كبرى على عاتق كل مؤمن ومؤمنة ، ألا وهي أحياء أمر أهل بيت العصمة عليهم الصلاة والسّلام ، فقد كشف لنا النقاب عن هذه الحقيقة قول الإمام الصادق عليه السّلام لخيثمة : « رحم اللَّه عبدا أحيى أمرنا » [1] . فكفى فخرا لمن أحيى أمرهم عليهم السّلام أن يدعو له الإمام الصادق عليه السّلام بالرحمة من الرؤوف الرحيم . ولذا ، فتأدية لهذه المهمّة المقدّسة ، واحياء لآثار أهل البيت عليهم السّلام ، والعلماء الذين ساروا على نهجهم النيّر ، بذل المحققون قصارى جهودهم في هذا الطريق المملوء بالأشواك ، وجازوه بتوكَّلهم على الحيّ القيّوم ، وبذلهم الطاقات ، واللَّه حسب لمن توكَّل عليه . وعند ما نظرت بصيرتي إلى آثار أجدادي رحمهم اللَّه تعالى تقرح شكواها القلوب ، فبعضها مفقود ، والبعض الآخر لا زال مخطوطا لم ير النور - وذلك لعدم اهتمام حفدتهم بهذا الشأن العظيم ، وبعدهم عن هذا الطريق المضيء ،