ليس فيهما دلالة على ذلك بوجه من وجوه الدلالة ، كما لا يخفى . مضافا إلى إمكان دعوى كون العلَّة في الحكم المزبور في الوصية هي تعليق المريض الإضرار بالورثة دون نفسه ، التي لا ريب في انتفائها في المنجّز ، ضرورة أنّ الإضرار فيه كما يتعلَّق بالورثة على تقدير الموت ، يتعلَّق به نفسه على تقدير برئه . مضافا إلى أنه منقوض بمنجّزات الصحيح ، لجريان الدليل المزبور فيها ، مع أنه لا خلاف في خروجها من الأصل . لا يقال : إنّ المال في حال المرض في معرض ملك الورثة ، بخلافه في حال الصحة . لأنا نمنع من اختصاص حال المرض بكون المال فيه في معرض ملك الورثة دون حال الصحة ، ضرورة أنّ دعوى نسبة ذلك إلى حال المرض إن كانت لمكان حصول الظن معه بالتلف ، ففيها : إنّ حال الصحة قد يغلب معه الظن بذلك على وجه أبلغ من حال المرض ، كما إذا كان الإنسان في حال المراماة ، أو في وقت حلول الطاعون ، ونحوه من الأمراض المهلكة التي من شأنها العموم . وإن كانت لمكان قربه من زمان الموت ، ففيها ما لا يخفى من أنه ربّ مريض عاش أكثر من الصحيح . ولما في الثاني من أنّ دعوى لزوم اختلال حكمة الحكم بحصر الوصية في الثلث ، إنما تتم لو لم توجد في الخارج صورة يمتنع فيها التنجيز بالعطية لشيء ولا يمتنع فيها الوصية بذلك الشيء . وأما مع وجود صورة كذلك في الخارج ، فلا ريب في فساد الدعوى المزبورة ، إذ لا ريب حينئذ في انتفاء الاختلال في الحكمة المزبورة ، وتحقق الصورة المزبورة في الخارج مما لا شك فيه ، وذلك لأنّ شدة الحرص على الأموال في غالب نوع الإنسان والشح فيها تمنع الإنسان من السخاء فيها ما دام متلبّسا