حوارية الجنابة سبقني على غير العادة أبي هذا اليوم إلى جلسة الحوار هذه . وحين حضرت لم يلحظ أبي أول الأمر حضوري ، كان صامتا ، متأملا ، مطرقا برأسه إلى الأرض ، مرخيا عينيه في قلبه ، تاركا - كما يبدو - لمشاعره حرية التسلل خارج جدران الغرفة المفضضة ببياض الأسئلة وبراءة قلبها الطفل . وما أن لمحني حتى عاد لعينيه حزمهما الجميل الهادئ ، فرنا إلي قائلا : سأبدأ حواري بمقدمة تسلمني إلى فحوى حديث اليوم . . إلى حوارية الجنابة ، ثم أردف : حدثتك في ( حوارية النجاسة ) عن النجاسات ، تلك التي تسلب من أجسادنا وأجساد الأشياء طهارتها الأولى التي كانت عليها . ثم حدثتك في ( حوارية الطهارة ) عن المطهرات ، تلك التي تعيد مرة أخرى لأجسادنا وأجساد الأشياء طهارتها المغصوبة . ولو رجعت بقلبك إلى ( النجاسات ) لوجدت أنها أشياء مادية طارئة على الجسد ، منه أو من غيره . غير أن هناك أمورا معنوية غير محسوسة ، لو ( حدثت ) لسلبت من