عن تراض " [1] وقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " [2] وتخصيصها بالعهود و العقود التي كانت متعارفة في زمن صدورها - بلا وجه ، بعد كونها متضمنة ليان الحكم الخالد الباقي في جميع الأعصار ، وكونها من قبيل القضايا الحقيقية . اشكالات : بقي في المقام اشكالات - تورد على تصحيح هذه المعاملة بما أنها عقد مستقل وبعضها يجري في بعض الوجوه المتقدمة - وهي أمور : الأول : إن هذه المعاملة ليست معاوضة حقيقية بل معاوضة احتمالية : فإن أحد العوضين هو تحمل الخسارة على تقدير وقوع الخطر المؤمن منه فلا عوض على تقدير عدم وقوعه فهذه ليست مشمولة للعمومات ، بل هي من أكل المال بالباطل . وفيه : إن المؤمن له يدفع مبلغا أقساطا ، مثلا بإزاء كون ماله محفوظا ، فكما أنه قد يستأجر شخصا لحفظ ماله ، ويكون ذلك من طرق الحفظ كذلك التأمين من طرق الحفظ بل هو من أحكامها ، وهذا الأمان والحفظ يحصل للمستأمنين بمجرد العقد من دون توقف على الخطر المؤمن منه بعد ذلك : فإنه بعد هذا الأمان لا يفرق عليه وقوع الخطر وعدمه : إذ لو لم يقع الخطر ظلت أمواله سليمة ، وإن وقع الخطر أحياها التعويض ، فهي معاملة حقيقية بتية و ليست من الأكل بالباطل . وإن شئت قلت : إن العوض إن كان كون المال في عهدة المؤمن ، فهو فعلي ، وإن كان اعطاء بدله على تقدير التلف فهو بنفسه لا يكون فعليا لكن لازمه وجود . الأمان الفعلي ، فعلى التقديرين هذه معاملة بتية ، وتجارة عن تراض ، وعقد من العقود . وبهذا البيان يظهر الجواب عن الاشكال الثاني : وهو أن هذه المعاملة غررية فإنه يحتمل عدم وقوع الخطر المؤمن منه ، وقد نهي