فإن الشريعة المقدسة تطلب كثرة قوية ، ولذلك عنيت بكل ما يكفل للانسان قوة الجسم و قوة الروح وقوة المجتمع ، لاحظ الأخبار الواردة في بيان حكمة العبادات ، والواردة في بيان حكمة حرمة جملة من المحرمات وكراهة المكروهات ، وما ورد في تفسير الآية الشريفة و " أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " [1] ، وغير ذلك من الآثار . وعلى الجملة : إن سعادة الانسان ، وهي ، بلوغه منتهي كماله بحسب نوعه معقودة بقوة جسمه وروحه ، ومن الواضح ، إن للرياضة البدنية ، والروحية أثرا عظيما في ذلك ، كما أنه لا شك في مطلوبية القوة بحسب المجتمع الاسلامي وتوقفها على جملة من الأعمال ، فهي مطلوبة شرعا . وأما الرياضات التي لا تترتب عليها هذه الغايات ، ولا تكون مضرة ففيها خلاف ، والحق أن يقال إن تلك الرياضات على أقسام : 1 - الفعل لغاية الالتذاذ بلا قصد غاية أخرى ، ويعبر عنه باللعب . 2 - الفعل الخالي عن الغاية ، ويعبر عنه باللغو . 3 - الفعل الموجب لاشتغال النفس باللذائذ الشهوية بلا قصد غاية ، ويعبر عنه باللهو . حكم اللعب : أما الأول : فقد استدل لحرمته ، بالمرسل المروي عن مجمع البيان ، كل لعب حرام إلا ثلاثة ، لعب الرجل ، بقوسه ، وفرسه ، وأهله . والظاهر أن مراده ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث كل اللهو باطل إلا في ثلاث في ، تأديبه الفرس ، ورميه عن قوسه ، وملاعبته امرأته فإنهن حق [2] . وفيه أولا : إنه ضعيف السند للرفع ، وثانيا إنه يدل على أن كل لهو باطل ولا دليل على حرمة الباطل بقول مطلق ، أي كل ما هو باطل .
[1] الأنفال - آية 60 . [2] الوسائل - باب 1 - من كتاب السبق والرماية حديث 5 .