هذا كله مضافا إلى ما في الأبواب المتفرقة ، وعليه ، فلا شك في أنه مطلوب شرعي في نفسه بل هو السبب لبقاء أبناء آدم . إنما الكلام ، في أن زيادة ذلك يترتب عليها الآن محذور اجتماعي كما مر ، فهل يجوز التحديد أم لا . حكم تنظيم النسل : أما تنظيم النسل بالمعنى المتقدم ، فلا ريب في جوازه بل مطلوبيته ، بل ربما يصل إلى حد اللزوم ، وقد حدد القرآن الكريم مدة الرضاع بحولين كاملين ، وحذر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يرضع الطفل من لبن الحامل ، ومقتضى ذلك إباحة وقف الحمل مدة الرضاع . وأيضا لا كلام في أن صيانة النسل من الضعف والهزال ، وحفظه من الأمراض مطلوبة للشارع . وقد علل الفقهاء ثبوت حق الفسخ لعقد إجارة المرضع إذا تبين أن بها حمل ، بأن لبن الحبلى يضر بالصغير ، وإن الارضاع يضرها أيضا ، وعللوا تحريم الزواج من المحارم ، بأنه يورث ضعف الولد في الخلق والخلق وقالوا : اجتنبوا الحمقاء فإن ولدها صياع . وعلل في الروايات ، استحباب اختيار ذات العقل بأن الحمقاء يتعدى حمقها إلى ولدها . إلى غير ذلك من الأخبار والكلمات . كما أن حفظ المرأة نفسها من ضعف الأعصاب والأمراض الأخر مطلوب شرعا بل لازم ، ومقتضى ذلك كله مطلوبية تنظيم النسل . وعلى الجملة : إن الشارع الأقدس حين ما يحث على تكثير النسل ويباهي بالكثرة ، يحث على وجه العموم ، ونتيجة ذلك أن الشريعة المقدسة تطلب كثرة قوية وتلتمس الأيدي العاملة في الحياة واتساع العمران والسبيل إلى حصول تلك الكثرة القوية ، العمل على تنظيم النسل تنظيما يحفظ له نشاطه وللأمة كثرته ونمائه . وهو ، إنما يكون بمنع الحمل بين الزوجين إذا كان بهما أو بأحدهما داء من شأنه أن يتعدى إلى النسل والذرية .