وهذا لا يجري في المسجد لما عرفت من أن للمسجد مع قطع النظر عن كونه من الأوقاف العامة ويجوز انتفاع المسلمين به في الصلاة وغيرها ، حيثية أخرى ، وهي حيثية المسجدية ولها أحكام خاصة ، وتلك الحيثية قائمة بشخص هذه الأرض لا بما لها من المالية وهذه الحيثية تمنع عن بيعه . نعم : يصح إجارته لأن الحيثية المشار إليها لا تنافيها ، ومن حيث إنه وقف عام أيضا لا مانع لفرض كون المورد من موارد الجواز فلا محذور فيها . اللهم إلا أن يقال إنه في الفرض لكل أحد الانتفاع به وليس شخص خاص مالكا للمنفعة أو الانتفاع ، فلا تجوز الإجارة من هذه الجهة . فما : أفاده كاشف الغطاء رحمه الله من أنه لا يصح بيع المسجد ومع اليأس عن الانتفاع به في الجهة المقصودة يؤجر للزراعة ونحوها ، غير تام . ولو قلنا بصحة الإجارة يصرف مال الإجارة في مسجد آخر وإن لم يمكن يصرف في سائر مصالح المسلمين . حكم الانتفاع بفضلات المسجد مع امكان الانتفاع بها في الصلاة : المورد الثاني : إذا أمكن الانتفاع بما بقي من فضلات المسجد في الصلاة والعبادة ، لا اشكال في عدم جواز جعله محلا للكسب أو السكنى ، أو جعله دارا وما شاكل : لأن ذلك كله تخل بالأغراض المعد لها . . إنما الكلام في أنه إذا جعله الظالم كذلك مثلا جعله دكانا لا يمكن للانسان أن ينتفع به بغير الكسب وليس في وسعه تغييره ، ومورد الكلام فيه أمران : 1 - هل يجوز الانتفاع به والحال هذه أم لا ؟ 2 - إنه هل يضمن أم لا ؟ أما الأول : فالظاهر جوازه لأنه يجوز للناس ، النوم في المساجد والمدارس وما شاكل ، و التردد فيها ، والأخذ من مائها ، والاكتساب فيها بأعمال الدنيا والآخرة ، من غير اختصاص بالمصلين كما يصنع في المباحات ، إلا أن الغرض المعد له مقدم على غيره ، فلو أخل المكتسبون بالأغراض المعد لها حرم ، وإلا فهو جائز ، فإذا فرضنا إن المخل بها عمل الغاصب