الخلق ، وقضاء حاجة المؤمن المحتاج ، وصلاة الجماعة ، واستعمال الطيب ، وغيرها كثير . وكل ما حسن تركه والابتعاد والنأي عنه من دون الزام وتثاب على تركه إن كان بقصد القربة فهو من المكروهات ، كتأخير زواج الرجل والمرأة ، والغلاء في المهر ، ورد طلب المؤمن المحتاج إلى القرض مع القدرة عليه ، وغيرها كثير . أما ما تركت لك حرية الاختيار فيه ، أن تفعله أو تتركه فهو من المباحات كالأكل ، والشرب ، والنوم ، والجلوس ، والسفر ، والسياحة ، وغيرها كثير . - وأنى لي أن أفرز الواجبات عن المستحبات ، والمحرمات عن المكروهات . كيف أعرف أن هذا واجب فأفعله وأؤديه وألتزم به ، وهذا حرام فأجتنبه وأدعه وأتركه وأنأى عنه . كيف أعرف أن . . . قاطعني أبي مبتسما ، ثم نظر إلي نظرة رحمة وإشفاق وهم أن يقول شيئا إلا أنه أعرض عنه مؤثرا التريث ، ثم انكفأ فغاص في تأمل عميق . وساد لوهلة صمت عميق كثيف كالفراغ لم أستطع أن أخمن خلاله ما دار في رأس أبي ، غير أني كنت أرقب سحابة داكنة معتمة تمر متأنية على جبهته ثم تتشطر بقية قسمات وجهه وصولا إلى شفتيه اللتين انفرجتا عن صوت ضعيف ، فيه من الرقة والعطف الشئ الكثير .