ثفاذن من الضروري أن يخرج الكتاب بحلة جديدة تناسب التقدم الطباعي في العصر الحديث ، إذ كان في طبعاته الحجرية السابقة مشوها لا يميز الكلام بعضه عن بعض ويفوت على القارئ الكريم كثير من الفوائد إذا لم يقع في تصحيفات وتحريفات يبدل الموضوع بشئ بعيد عن المقصود كانت الخطوة الأولى للعمل في الكتاب الحصول على نسخ مخطوطة منه تعين على تصحيحه وتحقيقه ، وطال الفحص عن نسخة يطمئن إليها القلب ، ولكن عدت صفر اليدين آسفا على التراث الاسلامي الضائع أو الواقع تحت تصرف أناس جشعين لا يعرفون قيمة للعلم والثقافة أنبئت أن في حيازة بعض من ينتمي إلى آل الطريحي نسخة من الكتاب بخط المؤلف ، فتكرر الالتقاء به في بيته للاستفادة من تلك النسخة والمقابلة عليها ، ومع اعترافه بأنه يملك هكذا نسخة إلا أنه لم يأذن لي حتى مشاهدتها فكيف بالاستفادة منها وقيل لي ان فلانا الباحث يشتغل في الكتاب ، فاتصلت به ورجوته أن يريني نماذج من عمله ، فلم أفهم منه شيئا الا ادعاء انه رتب الكتاب في اثنتي عشرة ألف بطاقة وحققها تحقيقا علميا يفوق عمل كل المحققين والعلماء و . . أود أن أسرد للقارئ الكريم القصة الطويلة التالية ، لكي يعرف بعض ما مني به العلم والكتب العلمية نتيجة للجهل والبعد عن الروح العلمية والدينية : حدثني أحد العلماء أنه رأى نسخة مصححة من كتاب " مجمع البحرين " عند فلان الهاوي للمخطوطات ، وكنت أعرف صاحب النسخة أنه بخيل لا يكاد أحد يرى مكتبته ، فذهبت إلى بيته كزائر مستفسر عن صحته . وبعد أن تحدث طويلا عما يملك من النفائس والنوادر والفخر بوجودها في ضمن مكتبته ، طلبت إليه أن يريني مكتبته و يطلعني على عدد من المخطوطات التي يملكها . وبعد الحاح شديد أجابني إلى ذلك مشترطا علي أن لا أمد يدي إلى الكتب ، بل أقف عند باب الغرفة حتى يأتي هو بما يحب إراءته