قال الأصمعي : وفي الحديث : " كلهم كان ينصب " . أي : يغني النصب . يقال : نصب فلان ينصب نصبا . * * * وقال أبو محمد في حديث عمر رضي الله عنه ، انه سأل المفقود الذي استهوته الجن ، ما كان شرابهم ؟ فقال : الجدف . ذكره أبو عبيدة ، وقال تفسيره في الحديث : انه ما لا يغطى . قال : ويقال هو نبات يكون باليمن لا يحتاج آكله إلى شرب الماء عليه ، ولم أزل لهذا التفسير منكرا ، لأنه سأله عن شرابهم فأجابه بذكر النبات ، والنبات لا يجوز أن يكون شرابا ، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شرب الماء ، إلا على وجه من المجاز ضعيف ، وهو أن يكون صاحبه لا يشر ب الماء ، فيقال ان ذلك شرابه ، لأنه يقوم مقام شرابه ، فيجوز أن يكون ، قال هذا إن كانت الحن لا تشرب شرابا أصلا . وأما التفسير الذي جاء في الحديث ، فإنه لا يوافقه اللفظ . وبلغني عن بعض أصحاب اللغة ، انه كان يقول : الجدف زبد الشراب ورغوة اللبن وغيره . سمي جدفا من موضعين : أحدهما ، لأنه يجدف عن الشراب ، أي : يقطع ويلقى إلا الأرض ، والجدف والجذف واحد . ومنه يقال : قميص مجدوف الكمين ، أي مقطوعهما وقصيرهما ، يقول : جذفت الشئ جذفا ، إذا قطعته . واسم ما انقطع : جذف ، كما تقول : نفضت الشجرة نفضا ، واسم ما سقط إلى الأرض منها نفض ، وخبطتها خبطا ، واسم ما سقط من ورقها إلى الأرض : خبط . والموضع الآخر ان الشراب يجدف ، أي : يحرك فرتفع الرغوة فما ارتفع منها جدف . لأنه على الجدف كان كما مثلت لك . وقال أبو محمد في حديث عمر رضي الله عنه انه كتب في الصدقة إلى بعض عماله كتابا فيه : " ولا تحبس الناس أولهم على آخرهم ، فإن الرجن للماشية