بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد ، فهذا شرح أفضل المحققين ، وأبرع المدققين ، العالم الذي لا يشق غباره ، ولا يدرك مداه ، نجم الملة والدين ، محمد رضي الدين بن الحسن الاستراباذي ، على مقدمة العلامة النحوي الفقيه الأصولي أبي بكر المعروف بابن الحاجب التي جمع فيها زبدة فن التصرف في أوراق قليلة ، غير تارك مما يجب علمه ولا يجمل بالمتأدب جهله شيئا ، مشيرا فيها إلى اختلاف العلماء أحيانا ، والى لغات العرب ولهجاتهم أحيانا أخرى . وقد ظل شرح رضي الدين رحمه الله - رغم كثرة طبعاته وتعددها - سرا محجوبا ، وكنزا مدفونا ، لا يقرب منه أحد إلا أخذه البهر ، وأعجزه الوقوف على غوامضه وأسراره ، ذلك لأنه كتاب ملأه صاحبه تحقيقا ، وأفعمه تدقيقا ، وجمع فيه أوابد الفن وشوارده ، وأتى بين ثناياه على غرر ابن جنى وتدقيقه ، وأسرار ابن الأنباري واستدلاله وتعليله ، وإضافة المازني وترتيبه ، وأمثلة سيبويه وتنظيره ، ولم يترك في كل ما بحثه لقائل مقالا ، ولا أبقى لباحث منهجا ، حتى كان كتابه حريا بأن ينتجعه طالب الفائدة ، ويقبل على مدارسته واستذكاره كل من أراد التفوق على أقرانه في تحصيل مسائل العلم ونوادره ، وكان الذين قاموا على طبعه في الآستانة ومصر لم يعطوه من العناية ما يستحقه ، حتى جاء في منظر أقل ما يقال فيه إنه يبعد عنه ، ولا يقرب منه ، وبقى قراء العربية إلى يوم الناس هذا يعتقدون أن الكتاب وعر المسلك ، صعب المرتقى ، لا تصل إليه الافهام ، ولا تدرك حقائقه الأوهام ، فلم يكونوا