كما ذكرنا قبل عن بعضهم أنهم يضمرون في نحو : إن زيد ضربته : لازم الفعل الظاهر ، على العكس ، أي : إن ضرب زيد ، ضربته ، وكلاهما خلاف الأصل ، إذ الأصل موافقة الاسم المحدود لضميره أو متعلقه في الرفع والنصب ، إذ ضميره أو متعلقة نائبه ، كما أن عامل الضمير والمتعلق نائب عامل الاسم ، فتنوي في : إن زيد ذهب ، أو ذهب به ، أو ذهب غلامه ، أو ذهب به بغلامه : رافعا ، وتنوي في : ان زيدا ضربته ، أو حق عليه الضلالة أو ضربت غلامه أو حق على غلامه الضلالة : ناصبا . قوله : وكذا : " وكل شئ فعلوه في الزبر " [1] ، أي ليس من هذا الباب لأنه خرج بقوله مشتغل عنه أي عن نصبه مع بقاء المعنى الحاصل بالرفع وهنا لو نصبت " كل شئ " بفعلوا ، لم يبق معنى الرفع ، إذ يصير المعنى : فعلوا في الزبر كل شئ إن علقنا الجار بفعلوا ، ونحن لم نفعل في الزبر أي في صحف أعمالنا شيئا ، إذ لم نوقع فيها فعلا ، بل الكرام الكاتبون أوقعوا فيها الكتابة ، وإن جعلنا الجار نعتا لكل شئ ، صار المعنى : فعلوا كل شئ مثبت في صحائف أعمالهم وهذا وإن كان مستقيما ، إلا أنه خلاف المعنى المقصود حالة الرفع إذ المراد منه ما أريد في قوله تعالى : " وكل صغير وكبير مستطر " [2] ، وفعلوه صفة " كل شئ " أي : كل ما فعلوه ، مثبت في صحائف أعمالهم بحيث لا يغادر صغيرة ولا كبيرة . قوله : " ونحو : الزانية والزاني فاجلدوا ، الفاء بمعنى الشرط ، عند المبرد ، أقول : جميع الشرائط فيه حاصلة في بداء [3] النظر ، لان ما بعد الفاء قد يعمل فيما قبلها ، كما في نحو قوله تعالى : " وربك فكبر " [4] ، إلا أن القراء لما اتفقوا فيه على الرفع ، إلا ما روي في الشاذ عن عيسى بن عمر [5] أنه قرأ بالنصب ، والنصب مع الطلب مختار كما تقدم ،
[1] الآية 52 من سورة القمر . [2] الآية 53 من سورة القمر . [3] أي عند النظرة الأولى قبل البحث والتفكير . [4] الآية 3 من سورة المدثر . [5] هو عيسى بن عمر الثقفي الامام النحوي وتقدم ذكره في هذا الشرح ص 137 من هذا الجزء وغيرها .