التقدير : ألا ترونني ، أي هلا ترونني [1] . وحرف التحضيض لا يدخل إلا على الافعال بالاستقراء انفاقا منهم ، وقد يقدر الفعل بعدها ، إما مفسرا كما في قولك : هلا زيدا ضربته ، أو غير مفسر كما في قوله : 159 - تعدون عقر النيب أفضل مجدكم * بني ضوطري لولا الكمي المقنعا [2] أي لولا تعدون ، وكذا إن ولو ، فإنه يقدر الفعل بعدهما بلا مفسر نحو : إن سيفا فسيف ، ونحو : " اطلبوا العلم ولو بالصين " . ولا شك أن التحضيض والعرض والاستفهام والنفي والشرط والنهي والتمني ، معان تليق بالفعل ، فكان القياس اختصاص الحروف الدالة عليها بالافعال ، إلا أن بعضها ، بقيت على ذلك الأصل من الاختصاص كحروف التحضيض ، وبعضها اختصت بالاسمية كليت ولعل ، وبعضها استعملت في القبيلين مع أن أولويتها بالافعال كهمزة الاستفهام ، وما ، ولا ، للنفي ، وبعضها اختلف في اختصاصها بالافعال ، كالا للعرض ، على ما يجئ الكلام عليه في اسم " لا " التي لنفي الجنس ، وكذا " إن " الشرطية ، فان المرفوع في نحو : " إن امرؤ هلك " يجوز عند الأخفش والفراء أن يكون مبتدأ ، والمشهور وجوب النصب في : إن زيدا ضربته ، وألا زيدا تضربه في العرض .
[1] في هذا المكان أشار السيد الجرجاني إلى اختلاف النسخ وأورد عبارة طويلة قال إنها من نسخة أخرى وفيها استشهاد بقول الشاعر : ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة * إلى فهلا نفس ليلى شفيعها ولعل النسخة التي نقل عنها البغدادي كانت كذلك لأنه عد هذا البيت من الشواهد وتكلم عليه وقال : ان بعده : أأكرم من ليلى علي فتبتغي * به الجاه أم كنت امرءا لا أطيعها وقيل في نسبة هذين البيتين انهما لمجنون بني عامر ، وقيل إنهما لابن الدمينة . [2] الضوطري . والضوطر : الرجل الضخم الذي لا غناء عنده ، ويقال : هو ابن ضوطري أي ابن الأمة . والكمي الشجاع ، والمقنع : الذي يلبس القناع ، وهو سنة عند العرب يلبس الشجاع منهم قناعا يخفي به وجهه . وهذا البيت مما هجا به جرير الفرزدق ويشير بعقر النيب إلى ما كان يفتخر به الفرزدق وقومه من قصة التفاخر بين سحيم بن وثيل الرياحي ، وغالب بن صعصعة والد الفرزدق في عقر الإبل حتى غلب أبو الفرزدق سحيما إذ أمر عبيدة بعقر كل ما معه من الإبل وظلت هذه القصة مثار افتخار لقومه . وكان الفرزدق يشير إليها كثيرا في شعره .