ومنعه غيره لغلبة معنى الفعل عليه ، ولهذا ذهب ابن درستويه [1] إلى أن هذا المبتدأ ، لا خبر له لكونه بمعنى الفعل ، إذ المعنى : ما أضرب زيدا إلا قائما ، ولم يسمع الاتباع مع الاستقراء . وفي خبر مثل هذا المبتدأ أقوال : ذهب ابن درستويه ، وابن بابشاذ [2] ، إلى أنه لا خبر له لكونه بمعنى الفعل كما قلنا ، فمعنى ضربي زيدا قائما : أضربه قائما ، وهو نحو : أقائم الزيدان ، عندهما ، وذهب الكوفيون إلى أن نحو : قائما ، حال من معمول المصدر لفظا ومعنى ، والعامل فيه المصدر الذي هو مبتدأ ، وخبر المبتدأ مقدر بعد الحال وجوبا ، أي ضربي زيدا قائما حاصل . وذهب الأخفش إلى أن الخبر الذي سدت الحال مسده : مصدر مضاف إلى صاحب الحال ، أي ضر بي زيدا ضربه قائما ، أي ما ضربي إياه إلا هذا الضرب المقيد ، وكذا أكثر شربي السويق شربه ملتوتا . وذهب البصريون إلى أنه حال من معمول المصدر معنى لا لفظا ، والعامل في الحال محذوف ، أي ضربي زيدا حاصل إذا كان قائما ، والدليل على بطلان مذهب الكوفية ، أن كلهم متفقون على أن معنى ضربي زيدا قائما : ما أضرب زيدا إلا قائما ، وهذا المعنى المتفق عليه لا يستفاد إلا من تقدير البصرية والأخفش وبيانه مبني على مقدمة ، وهي أن اسم الجنس ، أعني الذي يقع على القليل والكثير بلفظ الواحد ، إذا استعمل ولم تقم قرينة تخصصه ببعض ما يقع عليه ، فهو في الظاهر لاستغراق الجنس ، أخذا من استقراء كلامهم ، فمعنى : التراب يابس ، والماء بارد ، أن كل ما فيه هاتان الماهيتان حاله كذا ،
[1] هو أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه . فارسي الأصل وأقام ببغداد وأخذ عن المبرد وثعلب وغيرهم . وكان من المتعصبين للمذهب البصري . توفي سنة 347 ه . [2] تقدم ذكره ص 169 من هذا الجزء ،