لكن القول اشتهر في المفيد ، بخلاف اللفظ والكلام ، واشتهر الكلام لغة في المركب من حرفين فصاعدا ، واللفظ خاص بما يخرج من الفم من القول ، فلا يقال : لفظ الله كما يقال : كلام الله وقوله ، ثم ، قد استعمل الكلام استعمال المصدر فقيل كلمته كلاما ، كأعطى عطاء ، مع أنه في الأصل لما يعطى ، وهذا كما يحكى عنهم : عجبت من دهنك لحيتك بضم الدال بمعنى دهنك بفتحها ، وقد اختص الكلام في اصطلاح النحاة بما سيجئ ، والمقصود من قولهم وضع اللفظ : جعله أولا لمعنى من المعاني مع قصد أن يصير متواطئا عليه بين قوم ، فلا يقال - إذا استعملت اللفظ بعد وضعه في المعنى الأول - : إنك واضعة ، إذ ليس جعلا أولا ، ، بلى [1] ، ولو جعلت اللفظ الموضوع ، لمعنى آخر [2] مع قصد التواطؤ ، قيل انك واضعه ، كما إذا سميت بزيد [3] رجلا ، ولا يقال لكل لفظة بدرت من شخص لمعنى : انها موضوعة له من دون اقتران قصد التواطؤ بها ، ومحرفات العوام ، على هذا ، ليست ألفاظا موضوعة لعدم قصد المحرف الأول إلى التواطؤ ، وعلى ما فسرنا الوضع لم يكن محتاجا إلى قوله " لمعنى " ، لان الوضع لا يكون إلا لمعنى ، إلا أن يفسر الوضع بصوغ اللفظ ، مهملا كان ، أو ، لا ، ومع قصد التواطؤ أو ، لا ، فيحتاج إلى قوله " لمعنى " لكن ذلك على خلاف المشهور من اصطلاحهم ،
[1] بلى : التي من حروف الجواب والرضى يستعملها كثيرا في هذا الشرح في مثل هذا المقام . [2] متعلق بقوله : لو جعلت اللفظ . [3] زيد في الأصل مصدر زاد يزيد زيدا ، ثم سمى به .