أنا " الذي بعد : ما أكرم ، كما ظهرت في ألف ضربا نيابة عن الزيدين في قولك : ضربا وأكرمت الزيدين ، فلا يظهر كون : ما ضرب ملغى ، وكون : ما أكرم معملا ، إذ لكل منهما من الفاعل مثل ما للاخر على السواء ، وكان يجب أن تقول في الثاني : ما قام إلا هو ، وما قعد إلا زيد ، ولا يستعمل مثله في كلامهم ، بل المستعمل : ما قام وما قعد إلا زيد . ويجوز أن يكون هذا من باب التنازع عند الكسائي ، ويكون الفاعل محذوفا من الأول مع إعماله للثاني ، كما هو مذهبه على ما يجئ . ويلزم البصريين أيضا في هذا المقام متابعة الكسائي في مذهبه ، لأنهم يوافقونه ههنا في أن هذا من باب الحذف لا من باب الاضمار ، لأنهم حذفوا الفاعل مع " الا " لدلالة الثاني عليه ، لأنه هو . وكل ما ذكرنا على إعمال الأول في المنفصل المرفوع يجئ مثله في إعمال الثاني فيه . وإن كان المتنازع فيه منفصلا منصوبا ، نحو ما ضربت وما أكرمت إلا إياك ، جاز أن يكون من باب التنازع ، وتكون قد حذفت المفعول مع " إلا " من الأول مع إعمال الثاني ، أو من الثاني مع إعمال الأول ، إذ المفعول يجوز حذفه بخلاف الفاعل ، وكذا المجرور المنصوب المحل ، نحو قمت وقعدت بك . فعلى هذا ، يجوز التنازع في المضمر المنفصل [1] والمجرور ، ولا سيما إذا تقدم ذلك الضمير على العاملين ، نحو : إياك ضربت وأكرمت . فقول المصنف " ظاهرا " غير وارد مورده ، وكذا قوله " بعدهما " ، لا حاجة إليه ، إذ قد يتنازعان فيما هو قبلهما ، إذا كان منصوبا ، نحو : زيدا ضربت وقتلت ، وبك قمت ، وقعدت ، وإياك ضربت وأكرمت . قوله : " فقد يكون في الفاعلية " ، أي يكون التنازع .
[1] أي غير المرفوع . وتقدم قريبا أنه لا يجوز التنازع في الضمير المنفصل المرفوع الواقع بعد الا .