هذا إن قصد تعريف حقيقة المعرب ليتميز عند المنشئ للكلام فيعطيه بعد تعقل حقيقته حقه من اختلاف الاخر . أما إن عرف الاختلاف الصحيح لا من معرفة المعرب بل بحصول الاختلاف في كلام صحيح موثوق به ، كالقرآن وغيره ، جاز تعريف المعرب بذلك الاختلاف ، لعدم توقف معرفته ، إذن ، على معرفة المعرب . إن قيل : أي فرق بين المعرب والمبني في الحكم المذكور ؟ فإن المبني ، أيضا ، يختلف تقديرا ، وذلك في أحد قسميه ، أعني المركب منه مع العامل ، نحو : جاءني هؤلاء ، فهو مثل : جاءني قاض . فالجواب : أن المعرب يختلف آخره تقديرا ، أي يقدر الاعراب على حرفة الأخير ، ولا يظهر ، إما للتعذر ، كما في المقصور ، أو للاستثقال ، كما في المنقوص ، بخلاف المبني ، فإن الاعراب لا يقدر على حرفه الأخير ، إذ المانع من الاعراب في جملته ، وهو مشابهته للمبني ، لا في آخره ، نحو : هؤلاء ، وأمس ، وقد يكون في آخره أيضا كما في جملته نحو : هذا ، فلهذا يقال في نحو : هؤلاء ، إنه في محل الرفع أي في موضع الاسم المرفوع ، بخلاف المقصور في : جاءني الفتى ، فإنه يقال : إن الرفع مقدر في آخره . قوله : " لفظا أو تقديرا " مصدران بمعنى المفعول أي يختلف آخره اختلافا ملفوظا أو مقدرا ، فهما نصب [1] على المصدر ، ويجوز أن يكون المضاف مقدرا ، أي اختلاف لفظ أو تقدير . معنى الاعراب قال ابن الحاجب : " الاعراب ما اختلف آخره به " .
[1] فهما نصب أي منصوبان ، وهو تعبير شائع على ألسنة المعربين .