مقدمة الرضى بسم الله الرحم الرحيم الحمد لله الذي جلت آلاؤه عن أن تحاط بعد ، وتعالت كبرياؤه عن أن تشتمل بحد ، تاهت في موامى معرفته سابلة الافهام ، وغرقت في بحار عزته سابحة الأوهام ، كل ما يخطر ببال ذوي الأفكار فبمعزل عن حقيقة ملكوته ، وجميع ما تعقد عليه ضمائر أولي الابصار فعلى خلاف ما ذاته المقدسة عليه من نعوت جبروته ، وصلواته على خاتم أنبيائه ، ومبلغ أنبائه ، محمد بن عبد الله المبشر به قبل ميلاده ، وعلى السادة الأطهار من عترته وأولاده . وبعد فقد طلب إلي بعض من أعتني بصلاح حاله ، وأسعفه بما تسعه قدرتي من مقترحات آماله ، تعليق ما يجري مجرى الشرح على مقدمة ابن الحاجب عند قراءتها علي ، فانتدبت له [1] مع عوز ما يحتاج إليه الغائص في هذا اللج ، والسالك لمثل هذا الفج ، من الفطنة الوقادة ، والبصيرة النفادة ، بذلا لمسئوله ، وتحقيقا لمأموله ، ثم اقتضى الحال بعد الشروع ، التجاوز عن [2] الأصول إلى الفروع ،
[1] فانتدبت له : أي أجبته إلى طلبه ، يقال ندبه إلى كذا فانتدبت له ، أي دعاه وطلب منه فانتدب أي فأجاب . [2] التجاوز عن الأصول أي الانتقال منها إلى الفروع . وكان يمكن أن يقول : تجاوز الأصول إلى الفروع . لأنه متعد بنفسه ، وكأنه ضمنه معنى الانتقال أو التباعد . فعداه بعن .