responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : إبراهيم بن علي الحصري القيرواني    جلد : 1  صفحه : 98


في غيرِ طاعة الله ! قال : أمَّا مَسِيري إلى أبيك فليس من ذلك ! قال : بلى ! أطعت فلاناً على دنيا يسيرة ، ولعمري لئن كان قام بّك في دنياك لقد قعد بك في دينك ، فلو أنك إذْ فعلتَ شرّاً قَلتَ خيراً كنت كمن قال الله عزَّ وجلّ : " خَلَطُوا عَمَلاً صالحاً وآخَرَ سَيئاً عسى اللَّهُ أن يَتُوبَ عليهِمْ " ولكنك كما قال : " كَلاَ بَل رَانَ عَلَى قُلوبِهِمْ ما كانوا يَكْسِبُونَ " .
وكان الحسن عليه السلام جواداً ، كريماً ، لا يردُّ سائلاً ؛ ولا يَقْطَع نائلاً ، وأعْطى شاعراً مالاً كثيراً فقيل له : أتُعْطِي شاعراً يَعْصِي الرَّحْمن ، ويطيع الشيطان ، ويقول البُهْتَانَ ؟ فقال : إنَّ خَيْرَ ما بَذلْتَ من مالك ما وَقَيْتَ به عِرْضَك ، وإنّ من ابتغاءِ الخيرِ اتقاءَ الشرّ .
وقد روى مثلُ ذلك عن الحسين ، رضي الله عنه ، وقيل : إنّ شاعراً مدحه فأجْزَلَ ثوابَه ، فليمَ على ذلك ، فقال : أتَرَاني خِفْتُ أن يقولَ : لست ابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا ابن علي بن أبي طالب ! ولكني خِفْتُ أن يقول : لست كرسول اللّه ، صلى الله عليه وسلم ، ولا كعليّ ، رضي الله عنه ؛ فيُصَدَّقَ ، ويُحْمَلَ عنه ، ويبقى مُخَلَّداً في الكتب ، محفوظاً على ألسنة الرُواة . فقال الشاعر : أنت واللّه يا بْنَ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أعرفُ بالمدح والذمِّ مني .
ولما تُوفِّي الحسن أدخله قَبْرَه الحسينُ ومحمدُ بن الحنفيَّة وعبدُ الله بن عباس رضي الله عنهم ، ثم وقف محمدٌ على قبره وقد اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاه بالدموع ، وقال : رَحِمَكَ اللَّهُ أبا محمد ! فلئن عَزَتْ حياتك ، لقد هَدَتْ وفاتُكَ ، ولَنعْمَ الرُوحُ ، رُوحٌ تضمَّنَه بَدَنُكَ ؛ ولنعم الجسَدُ ، جسَدٌ تضمَنَه كَفَنُك ، ولنعْمَ الكَفَنُ ، كَفَنٌ تضمّنه لَحْدُكَ ، وكيف لا تكون كذلك وأنت سليلُ الهدى ، وخامِسُ أصحابِ الكِسَاء ، وخَلَفُ أَهْلِ التقى ؟ جَدُّك النبيّ المُصْطَفى ، وأبوك عليّ المرتضَى ، وأُمُك فاطمةُ الزهراء ، وعمّكَ جعفر الطيار في جنَّة المَأْوى ، وغَذَتْكَ أَكُفُّ الحقّ ، وَرُبِّيت في حِجْرِ الإسلام ، ورضعت ثَدْيَ الإيمان ، فطِبْتَ حيًّاً وميتاً ؛

98

نام کتاب : زهر الآداب وثمر الألباب نویسنده : إبراهيم بن علي الحصري القيرواني    جلد : 1  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست