لذلك العصر من حياة الأدب طابع خاص ، أظهر سماته إجادة الوصف ؛ وصف ما تقع عليه العين من مرئيات أو ما يجري في الخاطر من أفكار ، بل ووصف أهواء النفس ونزعاتها الوجدانية ، وصفا مفصلا مقصودا ، حتى أصبح العصر غنيا إلى درجة مميزة بالتعابير الرائعة الناضجة في معظم أبواب الوصف . . يرافقها تنظيم كامل للأفكار ، مما يعوّد القارئ تذوّق الأسلوب البديع ويحبب اليه النثر الجيد وأصوله الفنية . اننا إذا قسنا أعمال أدباء ذلك العصر بالمقاييس العصرية لانطبق عليها مفهوم النظرية الحديثة « الفن للفن » . . فقد عرفوا اللغة معرفة جيدة حتى وقفوا على أسرارها وطرائق تعبيرها ، فجمعوا شتاتها لتصبح طوع أفكارهم وأقلامهم في نتاج منسّق متكامل . وان دار الجيل التي تعتز بما قدمت من كتب التراث . . كتاب « العمدة » لابن رشيق تحقيق الأستاذ محيي الدين عبد الحميد ، ليزيدها اعتزازا أن تقدم تباعا مجموعة أعمال الدكتور زكي مبارك : النثر الفني ، الموازنة بين الشعراء ، التصوف الاسلامي ، المدائح النبوية ، الاخلاق عند الغزالي . . ودرة هذه الأعمال هذا الكتاب الذي تقدمه الدار اليوم : زهر الآداب . . إنه دائرة معارف أدبية ، لا غنى للقارئ الأديب الباحث عن المعرفة والمتطلع إلى التزيد من بحور الفنون الأدبية ، عن اقتنائه . واللَّه الموفق دار الجيل