< فهرس الموضوعات > بلية الحسد لابن المقفع < / فهرس الموضوعات > من أعقل الناس وأعلمهم ، فكان لا يبتدئ ، بإخبار حتى يسأله المنصور فيجيبه بأحسن عبارة ، وأجود بيان ، وأوفى معنى ، فأعجب المنصور به ، وأمر له بمال ، فتأخّر عنه ، ودعته الضرورة إلى استنجازه ، فاجتاز ببيت عاتكة ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ هذا بيت عاتكة الذي يقول فيه الأحوص : « يا بيت عاتكة الذي أتعزّل » . . . البيت ، ففكر المنصور في قوله ، وقال : لم يخالف عادته بابتداء الإخبار دون الاستخبار إلا لأمر ، وأقبل يردّد القصيدة ويتصفحها بيتا بيتا حتى انتهى إلى قوله فيها : < شعر > وأراك تفعل ما تقول وبعضهم مذق اللسان يقول ما لا يفعل [1] < / شعر > فقال : يا ربيع ، هل أوصلت إلى الرجل ما أمرنا له به ؟ فقال : أخّرته عنه - لعلَّة ذكرها الربيع - فقال : عجّله له مضاعفا ، وهذا ألطف تعريض من الرجل ، وحسن فهم من المنصور . < فهرس الموضوعات > [ الحسد والحساد ] < / فهرس الموضوعات > [ الحسد والحساد ] ومن كلام ابن المقفع : الحاسد لا يزال زاريا على نعمة اللَّه ولا يجد لها مزالا ، ومكدّرا على نفسه ما به من النعمة فلا يجد لها طعما ، ولا يزال ساخطا على من لا يترضّاه ، ومتسخّطا لما [ لا ] ينال ، فهو كظوم هلوع جزوع ، ظالم أشبه شئ بمظلوم ، محروم الطَّلبة ، منغّص العيشة ، دائم التسخّط ، لا بما قسم له يقنع ، ولا على ما لم يقسم له يغلب ، والمحسود يتقلَّب في فضل نعم اللَّه مباشرا للسرور . ممهلا فيه إلى مدّة لا يقدر الناس لها على قطع ولا انتقاص ، ولو صبر الحاسد على ما به لكان خيرا له ؛ لأنه كلما أراد أن يطفئ نور اللَّه أعلاه ويأبى اللَّه إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون .