وأتنسّم من أرواح عشرتك ما تجد الحواسّ به بغيتها ، وتستوفى منه لذّتها ، فنفسك تألف منى مثل ما آلفه منك . وكان يقال : محادثة الرّجال تلقيح الألباب [1] . وقال ابن الرومي : < شعر > ولقد سئمت مآربي فكأنّ أطيبها خبيث إلَّا الحديث ؛ فإنّه مثل اسمه أبدا حديث < / شعر > قال مخارق : لقيني أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم قبل نسكه ، فقال : أنا واللَّه صبّ بك ، ولوع إليك ، مغمور القلب [2] بشكرك ، واللسان بذكرك ، متشوّف إلى رؤيتك ومفاوضتك ، وقد طالت الأيام على ما أعد به نفسي من الاجتماع معك ، ومن قضاء الوطر منك ؛ فما عندك ؟ أنا الفداء لك ! وتزورنى أم أزورك ؟ قلت : جعلني اللَّه فداك ! ما يكون عند من هو منك بهذا الموضع وفي هذا المحلّ إلا الانقياد إلى أمرك ، والسمع والطاعة لك ، ولولا أن أسىء الأدب في أمر بدأت فيه بالفضل لقلت : إن كثير ما ابتدأت به من القول يقلّ فيما عندي من الشوق إليك ، والشّعف بك ، دون ما حرّك هذا القول منى ، فوجبت لك به المنّة علىّ ، وأنا بين يديك ، فاثن عنانى إلى ما أردت ، وقدنى كيف شئت ، تجدني كما قال القائل : < شعر > ما تشتهيه فإني اليوم فاعله والقلب صبّ فما جشّمته جشما < / شعر > وذكر سهل بن هارون رجلا ، فقال : لم أر أحسن منه فهما لجليل ، ولا تفهما لدقيق أشار إليه أبو تمام فقال : < شعر > وكنت أعزّ عزّا من قنوع تعرّضه صفوح من ملول فصرت أذلّ من معنى دقيق به فقر إلى ذهن جليل [3] < / شعر >
[1] التلقيح : ما تلقح به النخلة لتثمر [2] كذا . وأحسبه « معمور القلب » بعين مسلة ( م ) [3] في ديوان أبى تمام ( ص 503 ) « به فقر إلى فهم جليل » ( م )